الاستدلال قبل الاعتقاد
أما أهل الحق فاعتقادهم يأتي بعد الاستدلال وينبني عليه . فالدليل عندهم هو الأصل ، والاعتقاد تبع ونتيجة . فهم (يستدلون ثم يعتقدون) ، وليسوا (يعتقدون ثم ... يستدلون) . يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) الحجرات /1 .
فكيف يجعل مثل هذه الاعتقادات التي لا نصَّ عليها صريحاً من القرآن أصولاً للدين من جحدها أو جهلها كفر ؟!
لماذا امتلأ القرآن بالنصوص القطعية المصرحة -بلا أدنى احتمال ولا غموض- بالتوحيد والنبوة والمعاد ، والصلاة والزكاة وأمثالها مع التدليل عليها ؟ وعقائد -كالإمامة- لها هذا الخطر وتلك المنزلة ليس عليها أي دليل - يصح ان يسمى دليلاً- في القرآن ؟!!
شرط الدليل سلامته من الاحتمال
تقول القاعدة الأصولية: (الدليل اذا تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال) . وهذا معنى قولِه تعالى: (منه آيات محكمات) أي قاطعات الدلالة لا احتمال فيها ، (وأخر متشابهات) أي تحتمل أكثر من وجه ، (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) آل عمران/7 . وقولِه: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) النجم/28.
ولم نجد الإمامية يحتجون لأصولهم بدليل إلا والاعتراضات تكتنفه من كل جانب ، بل غالباً ما يكون المعنى الذي وجهوا إليه النص بعيداً كل البعد عن المعنى الذي ذهبوا إليه ، ولا ينقدح في الذهن الا بصعوبة ، او نادراً ما يخطر على البال . وهو في أحسن أحواله يكون (ظنا مرجوحاً) !! والعقيدة لا تصح بـ (الظن الراجح) فكيف بالمرجوح ؟! فكيف بما هو دونه ؟!