... هل تفكرت في نفسك: لماذا جعل الله الدنيا وما فيها في يد الإنسان، سخر له الجبال والليل والبحار والنهار والشمس القمر؟ كما قال { الهه الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره، وسخر لكم الأنهار وسخر الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه } (إبراهيم33)
... ـ ما الذي كان مطلوباً منه في حياته؟ وما الذي أخذه معه يوم أن خرج من الدنيا راغماً؟ أليس من حكمة وراء ذلك كله؟ أم أنه لا حكمة وإنما نعيش في هذه الدنيا كالأنعام نأكل ونشرب ونتمتع ثم نموت كمن قال:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري ... لست أدري لست أدري
... هل خلقنا الله لمجرد الطعام والنكاح أم أن هناك هدفاً أسمى من ذلك يغفل عنه كثيرون؟ إن أكثر الناس لم يجشموا أنفسهم عناء البحث عن جواب لهذه الأسئلة فإن همهم منصبة نحو الحياة الدنيا فقط من غير أن يتفكروا في يوم تنقضي فيه حياة الناس.
... والله تعالى لم يترك البشر يتيهون في بحر من الحيرة من غير أن يبين لهم سر وجودهم على هذه الأرض إذ قال { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } (المؤمنون110) ولم يتركهم هملاً { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } (القيامة36) وإنما أنزل الكتب وأرسل الرسل وأقام الميزان بالقسط بين الناس اختباراً لهم ليعبدوه وفق شرعه وحكمه { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين } (العنكبوت1)