-وأيضاً - فلا بد أن يحسن المتبع لهم القول فيهم - ولا يقدح فيهم اشتراط الله ذلك لعلمه بأن سيكون أقوام ينالون منهم - وهذا مثل قوله تعالى بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} [الحشر 10]
الاعتراض الرابع:-لم لا يجوز أن يكون المراد بالثناء على من اتبعهم كلهم. وذلك اتباعهم فيما أجمعوا عليه.
والجواب عن هذا الاعتراض من وجوه:-
الأول:- إن الآية اقتضت الثناء على من اتبع كل واحد منهم.
كما أن قوله:- {والسابقون الأولون والذين اتبعوهم} [التوبة 100] يقتضي حصول الرضوان لكل واحد من السابقين والذين اتبعوهم في قوله:- {رضي الله عنهم ورضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم} [التوبة 100] ، وكذلك في قوله:- {اتبعوهم} ؛ لأنه حكم علق عليهم في هذه الآية فقد تناولهم مجتمعين ومنفردين.
الثاني:- إن الأصل في الأحكام المعلقة بأسماء عامة ثبوتها لكل فردٍ فردٍ من تلك المسميات ( [93] ) . كقوله:- {أقيموا الصلاة} [البقرة 43]
وقوله:- {لقد رضي الله عن المؤمنين} [الفتح 18]
وقوله تعالى:- {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة 119]
الثالث:-إن الأحكام المعلقة على المجموع يؤتى فيها باسم يتناول المجموع دون الأفراد كقوله:- {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً} [البقرة 143]
وقوله:- {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس} [آل عمران 110] وقوله:-
{ويتبع غير سبيل المؤمنين} [النساء 115] ؛ فإن لفظ الأمة، ولفظ سبيل المؤمنين لا يمكن توزيعه على أفراد الأمة، و أفراد المؤمنين، بخلاف لفظ السابقين:- فإنه يتناول كل فرد من السابقين.