وقال الحسن بن صالح ( [56] ) : كان أبو حنيفة شديد الفحص عن الناسخ من الحديث والمنسوخ فيعمل بالحديث إذا ثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه .
و قد اتضح تمسكه بهذا الأصل في تطبيقاته الفقهية حيث قال ( [57] ) : من رغب عن سيرة علي رضي الله عنه في أهل القبلة فقد خاب وخسر .
وقال ( [58] ) - أيضاً -: ما ملكت أكثر من أربعة آلاف درهم منذ أكثر من أربعين سنة إلا أخرجته ، وإنما أمسكها لقول علي رضي الله عنه: ( أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة ؛ ولولا أني أخاف أن ألجأ إلى هؤلاء ما تركت منها درهماً واحداً )
قال نعيم بن حماد ثنا ابن المبارك قال سمعت أبا حنيفة يقول ( [59] ) :- إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين . وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم . وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم .
وأما جمهور الحنفية ( [60] ) فهم على قول إمامهم .
وأما الإمام مالك ( [61] ) -رحمه الله - فتصرفه في"موطئه"دليل على أنه يرى أن قول الصحابي حجة ( [62] ) .
قال الشاطبي -رحمه الله - في الموافقات ( [63] ) :- ( ولما بالغ مالك في هذا المعنى -أي اتخاذ الصحابة قدوة وسيرتهم قبلة - بالنسبة إلى الصحابة أو من اهتدى بهديهم واستن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك ، فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون آثاره ويقتدون بأفعاله ، ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعلهم قدوة ) .
قال العلامة الفقيه حسن بن محمد المشاط المالكي في كتابه ( الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة ) ( [64] ) : وهذا هو المشهور عن مالك .
وأما الإمام الشافعي -رحمه الله - فمنصوص قوله قديماً وحديثاً هو أن قول الصحابي حجة ( [65] ) .