الصفحة 23 من 91

وبناء على ما سبق فإن الصحابي إذا قال قولاً:-

-فلا يخلو من أن يشتهر قوله و يوافقه سائر الصحابة على ذلك .

-أو يخالفوه .

-أو لا يشتهر أو لا يعلم اشتهر أم لم يشتهر .

فإن اشتهر قوله ووافقه الصحابة فهو إجماع ( [49] ) .

وإن اشتهر فخالفوه فالحجة مع من سعد بالدليل .

وحينئذٍ الحجة فيه لا في كونه قول صحابي .

وإن لم يشتهر قوله أولم يعلم هل اشتهر أم لا ؟ . فهذا هو موطن النزاع .

والذي عليه العلماء السابقون و الأئمة المتبوعون أبوحنيفة ومالك والشافعي وأحمد - رحمهم الله تعالى - و جمهور أصحابهم أنه حجة .

قال أبوحنيفة ( [50] ) - رحمه الله -: إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته ، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات ، فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه من شئت وأدع قول من شئت ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم ، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب … فلي أن أجتهد كما اجتهدوا . انتهى

وقال ( [51] ) - أيضاً -:- ( ما بلغني عن صحابي أنه أفتى به فأقلده ولا أستجيز خلافه ) .

وقال ( [52] ) - أيضاً-:- ( عليك بالأثر وطريقة السلف ، وإياك وكل محدثة ؛ فإنها بدعة ) .

بل قال فيمن هو دونهم:- ( من كان من أئمة التابعين وأفتى في زمن الصحابة وزاحمهم في الفتوى و سوغوا له الاجتهاد ، فأنا أقلده ، مثل شريح ، و الحسن ، ومسروق بن الأجدع ، وعلقمة ) ( [53] ) .

وعن أبي يوسف قال ( [54] ) : سمعت أبا حنيفة يقول: إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الثقات أخذنا به ، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم ، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم .

قال محمد بن حمدان بن الصباح ( [55] ) :- ( ... وكان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتبعه ، و إن كان عن الصحابة والتابعين ، وإلا قاس وأحسن القياس ) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام