صفحة 24
القلوب سروراً، وأضحى عبرة الجنان نزهة وضياء، وغيطة [15] السماء رفعة وبهاء، وظهرت عليه آثار البركة، وقارنه السعد والتوفيق في الحركة، ولاحت عليه لوائح السعادة، وفاحت منه روائح السيادة، وهو الأمير المعظم الكبير الأجل الأعظم، مفخر الأمراء في العالمين، كهف الفقراء والمساكين، فريد العصر وزينة المصر، ولي الأيادي والنعم، صاحب السيف والقلم، الجامع بين الفضيلتين العلمية والعملية، الحاوي للسعادتين الدينية والدنيوية، المشرق من جبينه نور الهدى، المرتفع بيمينه أعلام التقى، المخجل البحرَ الخِضَمَّ بفضله، والغاديات [16] والغاديات ببره وسخائه، الأمير الجليل سيف الدين صرغتمش الملكي الصالحي [17] ، أدام الله عزه، ووقر من الخيرات كنزه، وحفظ من الغِيَر مهجته، وأدام سروره وبهجته، فإنهم متعين في هذا العصر لتربية العلماء، معتن بالإحسان على الفضلاء، والحمد لله الذي جعل ألسنة الناس بنشر ثناءه منطلقة، ورقاب العلماء بأعباء عطائه متطوقة، فمن كان مشتملاً على هذه الصفات والمناقب اشتمال السماء على النجوم والكواكب، فجدير أن نشرف ديباجة الكتاب بألقابه، وينتمي إلى جنابه، حتى يبقى اسمه الشريف في الكتب والدفاتر بين الأنام على تعاقب الليالي والأيام، وممر الدهور والأعوام، فكنتُ كَلّاً تنزعُ به همَّتُهُ إلى القرب بخدمته، بتحفة تجود بها ذات يده [18] ، وكانت حالي تبعدني عن إهداء تحفة تشاكل خزانته الكريمة، أو تشابه ما فيها من النفائس اليتيمة، تذكرت قول المتنبي:
لا خَيلَ عندك تُهديها ولا مالُ… .. فليُسْعِدِ النُّطْقُ إن لم يُسْعِدِ الحالُ