صفحة 23
والجماعة. قيل وما السنة والجماعة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي )) [10] .
فينبغي للعاقل أن يلازم طريق أهل السنة والجماعة، ويجانب طريق أهل الأهواء والبدع، فإن الأولى الطريق التي كان عليها الصحابة والتابعون، ومضى عليها الأسلاف الصالحون.
وقد تصدى لبيان مذهبهم كثير من أئمة الإسلام وفرسان علم الكلام، فمنهم من أسهب وأطنب، ومنهم من توسط، ومنهم من انتخب.
ومن المختصرات التي نارت في حسنه مطالعه ومقاطعه [11] ، وحوت سحر البيان جوامعه وبدائعه، ما صنفه البحر الزاخر والحبر [12] الفاخر أبو جعفر الطحاوي رضي الله عنه، فرغب الناس في قراءته وحفظه لكثرة فوائده وعذوبة لفظه، فشرحت له [13] شرحاً مختصراً يبين أسراره ويوضح مشكلاته ويكشف أستاره، معتمداً على الله مفيض الخير والجود، واهب وجود كل موجود.
ولما جاء في غاية الحسن والنضارة، ونهاية اللطف والإشارة، كنت متفكراً في مدة من الزمان وبرهة من الأوان فيمن أجعله باسمه ليبقى طول الدهر برسمه، ففرغت قلبي من مظان الريب، ووجهته تلقاء مَدينِ الغيب، فوقع من عالم القدس في سري إخفاءً من زِرِّي [14] أن أتحف به مجلس من طلع من برج السعادة بدراً يتلألأ نوراً، ويملأ