شاهد البحر، ولا يعرف العشق إلا من كابد الحب - وهذا أسلوب صوفي - أيضاً - في الاستدلال، ولهم بيت شهير في هذا المعنى!.
وحتى لا يضطرب وجداني، وتتمزق مشاعري ... حاولت أن أنقطع عن لقاء (( الدكتور ) ).. ولكنه لم يتركني .. فوجئت به يدق جرس الباب، ولم أصدق عيني .. كان هو .. قد جاء يسأل عني .. وتكلمنا كالعادة كثيراً وطويلاً .. فلما سألني عن سبب عدم حضوري لصلاة الجمعة معه ... قلت له بصراحة:
-لقد يئست منك! ..
قال: ولكني لم أيأس منك .. أنت فيك خير كثير للعقيدة.
قلتُ: إنه يستدرجني على طريقته، ولمحت معه كتاباً من وضعه عن سيرة الإمام (( محمد بن عبد الوهاب ) )
فقلت له: أعطني هذه النسخة .. هل يمكن ذلك ... ؟
قال: هذه النسخة بالذات ليست لك، وسوف أعدك بواحدة.
وهذه هي طريقته للإثارة دائماً .. لا يعطيني ما أطلب من أول مرة .. فخطفتُ النسخة، ورفضت إعادتها له! ..
* وبعد منتصف الليل بدأت القراءة .. وشدني الكتاب موضوعاً وأسلوباً .. فلم ... أنم حتى الصباح! ..
كان الكتاب - على حجمه المتواضع - كالإعصار، كالزلزال .. أخذني من نفسي ليضعني على حافة آفاق جديدة .. حكاية الشيخ (( محمد بن عبد الوهاب ) )نفسه .. ثم قصة دعوته، وما كابده من معاناة طويلة .. حينما كانت في صدره حنيناً، وكلما
قرأت صفحة وجدت قلبي مع السطور. فإذا أغلقت الكتاب لأمر من الأمور يتطلب التفكير أو البحث في كتب أخرى .. استشعرت الذنب؛ لأنني تركت الشيخ في (( البصرة ) )ولم أصبر حتى يعود .. أو تركته في بغداد يستعد للسفر إلى (كردستان)