الصفحة 3 من 229

بَيْدَ أن الإسلام في تكوينه للعقيدة يخاطب القلب والعقل، ويستثير العاطفة والفكر، ويوقظ الانفعالات النفسية مع إيقاظه للقوَى الذهنية. وقد كنت أرقب - عن كثب - ما تخلفه دروس التوحيد من كتبه المقررة ، فما كنت أجد فارقًا يُذْكَر - لدَى السامعين - بينها وبين شروح المعادلات الجبرية مثلاً. كلاهما ترويض للعقل ، مبتوت الصلة بالفؤاد. فكأن الطالب يذكر طائفة من الأدلة على الوجود الدائم"لواجب الوجود"، ولا يستشعر في قرارة نفسه عظمة الخالق المتعال. أو يختلج في بدنه عرق من الرغبة أو الرهبة نحو مَنْ سوَّاه، وألهمه فجوره وتقواه. أفهكذا تدرس العقيدة ؟ وقد فزع العامة إلى علوم التصوف يستكملون منها ما عزَّ عليهم إدراكه في علم الكلام، ولكن التصوف ميدان كثير المزالق، وشطحات السائرين فيه أكثر من سدادهم. ولاشك أن هذا العلم أنعش عاطفة"الحب الإلهي، وربط قلوب الناس ربطًا رقيقًا ببديع السموات والأرض، إلا أن مخاطر الشغل به تجعلنا نتوجس منه. وقد حاولت في أثناء الكتابة عن عقيدة المسلم أن أرطب جفاف التفكير العقلي برشحات من المشاعر الحية، ولم أتكلف لذلك إلا أن أجعل نصوص الكتاب والسنة نُصْبَ عيني. فلا يستكثرن القاري"إيراد الشواهد منها، فإن لذلك حكمة مقصودة تعرف بعد مطالعتها في سياقها. 2- وللظروف التي نشأ فيها"علم الكلام"أثر سيء في سَرْدِ حقائقه وصَوْغِ دقائقه، فإن جحيم السياسة، وتطاحن الأحزاب المختلفة؟ أرسل شواظًا من الأحكام الإسلامية؟ لا نزال إلى اليوم نشقَى بها، برغم القرون الطويلة التي مرَّت عليها !!. ص _009

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام