عَلَيْهِمْ إِن فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51 ) ) ، (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) أو لم تكفهم شهادة القرآن للقرآن؟ أو لم تكفهم شهادة الحق بالحق؟ أو لم تكفهم شهادة الله في كتابه؟ من لم تكفه شهادة القرآن فسيريه الله عز وجل آيات بينات باهرات في نفسه و في الآفاق (شَهِدَاللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) و شهادة الله كما تقدم بالسمع و الوحي و هي في كتبه و على ألسنة رسله و شهادة بالخلق و الإيجاد و التصوير و الإبداع فإن هذه أيضاً شهادة أخرى تدل على ما شهدت عليه الآيات السمعية آيات الوحي، الشهادة شهادتان و لذلك شهادة الله بينها الله عز و جل بطريقين كما ذكر أهل العلم طريق السمع و الوحي على ألسنة الرسل و في الكتب، و بطريق الخلق والتصوير و الإبداع، كما تقدم في قوله:
و في كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
و قبله
فوا عجباً كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
و لله في كل تحريكة ... و تسكينة أبداً شاهد
شهادة خلقية بصرية
و في كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
و كما قال أيضاً أبو نواس:
تأمل في نبات الأرض و انظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ... بأحداق هي الذهب السبيك
على قصب الزبرجد شاهدات ... بأن الله ليس له شريك
شهادة أن لا إله إلا الله لا شريك مع الله شهادة بصرية فهذا معنى الشهادة الشهادة بالسمع و الشهادة بالبصر أو بالخلق و الوحي كلتاهما شهادة لكن أهل الخصوص تكفيهم شهادة السمع و الوحي (كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ، (شَهِدَاللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) هذه أعظم شهادة كما تقدم وسيأتي التفصيل فيها بعد ذكر الآية الكريمة إن شاء الله (وَالْمَلَائِكَةُوَأُولُو الْعِلْمِ) الملائكة شهدوا بما شهد به ربهم سبحانه و تعالى (وَأُولُو الْعِلْمِ) أهل العلم و في هذه فوائد:
أولاً: أن الشهادة لا تكون إلا بعلم، أي شهادة حتى الشهادة في الواقع و الحياة و الأمور الحياتية العادية لا ينفع فيها الظن و التخمين و لذلك لابد أن تؤدى بلفظ الشهادة أشهد أعلم أنه وقع كذا و حصل كذا حتى