دليل الشهادة أي شهادة أن لا إله إلا الله، و إذا أطلقت الشهادة انصرفت إلى شهادة أن لا إله إلا الله انصرف الإطلاق إلى شهادة الألوهية و إذا قيل الشهادتان انصرف إلى الشهادة بالألوهية و الشهادة بالرسالة و غير هاتين الشهادتين العظيمتين لا يطلق الفعل لهما بل لابد أن يقيد يقال شهادة الدين أو شهادة البيع أو ما أشبه ذلك، أما إذا أطلقت الشهادة انصرفت إلى أعظم شهادة انصرف الإطلاق إلى أعظم شهادة و هي الشهادة بالألوهية لا إله إلا الله و الشهادة سميت شهادة من الشهود أو المشاهدة و هي الخبر القاطع اليقين، الشهادة هي الخبر المؤكد أو الخبر القاطع هذا معنى الشهادة في اللغة، و شهادة الله لنفسه بالتوحيد هي أعظم شهادة من أجل شاهد بأجل مشهود به أعظم شهادة من أجل شاهد بأعظم و أجل مشهود به شهادة التوحيد (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) هذه هي أعظم شهادة و أجل شهادة و إذا شهد الله فلا مبتغى بعد شهادة الله (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَكُمْ) ، (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) تكفي شهادة الله و لهذا فإن الموفقين المهديين الراسخين في العلم الواصلين إلى درجة من اليقين و الإيمان تكفيهم الآيات السمعية عن الآيات البصرية لأنه سبق أن الآيات و البراهين الدالة على الله كما تقدم في قوله: أعرفه بآياته و مخلوقاته أنها نوعان: آيات بصرية مشاهدة و تسمى الآيات الأفاقية و النفسية، وآيات سمعية قولية وحيية و أهل الخصوص كما يقال تكفيهم الشهادة السمعية يكفيهم الآيات السمعية عن الآيات البصرية لأن الله يقول: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) تكفي شهادة الله تكفي شهادة القرآن فلا يبتغون أدلة خارجية و إنما العامة و الذين أقل إيماناً و يقيناً هم الذين يلتمسون الآيات الأفاقية و النفسية و لذلك المشركون طلبوا انشقاق القمر و لهذا قال عز و جل: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ) أو قبل ذلك (قُلْأَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) أي القرآن (ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(52 ) ) يعني من لم تكفه الآيات السمعية (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53 ) ) أو لم تكفهم شهادة الله عز و جل و لهذا قال الله عز و جل في سورة العنكبوت: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ) آيات بصرية كالناقة، و كانشقاق القمر، و كفيض الماء و نبعه، و حنين الجذع و أنينه، و تسبيح الطعام و الحصى و غير ذلك من أمثال هذه الآيات (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ(50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى