فسَّرَه فقال: معناه إذا لَمَسَتْها الكف وجدت فيها جميع ما تريد ( قلت: أي من نعومة المَلْمَس ، وتَحَسُّسِ العضلاتِ والَّلحْم المُكْتَنِز ، والأضْلُع المَكْسُوَّةِ لحما ، والشَّعر الجميل بالرقبة والذيل ، وهكذا تَسْبَحُ الكفُّ بأريَحِيَّةٍ وانسيابيَّةٍ بلا خشونةٍ تستوقفها ، ولا عيب يَسُوؤُها ، فهي تَسْبَح في مَسْبَح جميل ليس فيه ما يعكِّرُ الصَّفْو ، بل تنتقل الكف من جمال إلى جمال آخر . ولله المثل الأعلى: له من الأسماء الحسني وصفات الكمال والأفعال المقدسة ما هي مَسْبح عظيم ، تَسْبَح فيها القلوبُ أَبَدَ الآباد تذكرا وتفكرا فلا تجد لها نهاية ، ولا تجد بها عيبا ولا نقصا ولا مثيلا ولا شرا ، بل تَسْبَح بغَيْر توقُّفٍ فتنتقل من جمال إلى جمال ، ومن كمال إلى كمال ، ومن حمد إلى حمد ، ومن خير إلى خير ، فتلتذ بذلك أعظم اللذة بل الصفة الواحدة لله ، تسبح فيها القلوب كذلك أبد الآباد فلا تصل فيها إلى نهاية ، ولا تجد فيها مثقال ذرة من سوء بل النزاهة الكاملة ، فذلك هو"السُبُّوح"عز وجل ولقد خلق الله القلوب تحب خالقها وتريد السفر إليه ، فذلك السبح وما يقتضيه هو غذاء القلوب ولذتها وبهجتها وانشراحها وزكاتها وسكينتها وطمأنينتها( أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد ، فإذا كّلت وتم الترويح عنها وجب عودتها وإلا ماتت وبدأت المعيشة الضنك حقا على كل من أعرض عن الذكر (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي .. الآية ) طه كما تموت الأسماك إذا خرجت من الماء ولم تعد . ولذلك وظف الله أوقات المسلم على هذه المهمة وما يتبعها ، فالتسبيح مثلا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ .