وأدبار السجود ، وإدبار النجوم ، والصلوات المكتوبات والنوافل وغير ذلك ، والجنة في يوم الخلود يلهم أهلها التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس بلا كلفه ( كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ) حيث سقطت التكاليف في دار الجزاء ، فخلص السبح من التكاليف ، وبقي على حقيقته ألذ عليهم من جميع لذات البدن وبه تطمئن القلوب وتفرح ، وتحيا الحياة الطبية ، علاوة على ما ينعم به البدن وسيأتي ذكر تسبيح الملائكة الليل والنهار لا يفترون ولا يسأمون ، بقوة وبرغبة ومحبة كاملة ، كما سيأتي ذكر تسبيح ما في السماوات والأرض وكل شئ لله وبحمده على مر الأوقات بلا توقف ، وبيان ما فيه من المعاني ، والعجب من الجمادات وغيرتها الشديدة على السُبُّوح إذ نسب الكفار إليه شراً ، وقالوا عليه قولا عظيما ) .
نعود إلى المعاني اللغوية من اللسان:
3-السَّبْحَة (بفتح السَّين) : ثُوب من جلد ( لأنه ثوب قوى شديد أمْلَس فلا تَجد الكف فيه عيبا من ضعف أو خشونة أو ما ينفذ منه الهواء ولا يشفّ ، فهو ثوب منزه من تلك العيوب ، ولذلك قالوا عن الثوب القوى الشديد(وليْس جلدا) : توبٌ مُسَبَّح ) .
وهذه المعاني مما يؤيد ما تقدم ذكره في البند (3) .
السَّبْح والسَّبَاحة: العَوْمُ في المَاءِ (وهو تحرُّكٌ مُنتظِمٌ مُسْتَمِر في المَاء الخالي من العيوب المانعة للعوم ، وهو مما تلذ به الأبدان وتَسْتجِمّ ) .
** فَرَسٌ سَبُوحُ وسَابح: يسْبَحُ بيَدْيهِ في سَيْرِهِ ( كأنه يسبح في الهواء وظَهْرُه ثَابتٌ الارتفاع عن الأرض فلا يضطرب براكبه مع سرعته واستمراره في التباعد ) .
** سَبْحُ النجوم في أفلاكها . قال تعالي ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) ولم يقل تسبح لأنه وصفها بفعل من يعقل (حيث ذهابها بَسْطا في الفضاء الواسع بسرعاتها الهائلة ، وأحجامها الضخمة ، لكن في فَلَك لا تتخطاه ولا تضطرب فيه ، ولا تتوقف عن الحركة والتبعيد المستمر ) .