عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ : " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا النَّاسُ فِيهِ حَلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ ، فَجَعَلْتُ أَمْضِي الْحَلَقَ حَتَّى أَتَيْتُ حَلْقَةً فِيهَا رَجُلٌ شَاحِبٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ كَأَنَّمَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " هَلَكَ أَصْحَابُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَلَا آسَى عَلَيْهِمْ " ، أَحْسِبُهُ قَالَ : مِرَارًا ، قَالَ : فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَتَحَدَّثَ بِمَا قُضِيَ لَهُ ، ثُمَّ قَامَ قَالَ : فَسَأَلْتُ عَنْهُ بَعْدَمَا قَامَ ، قُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، قَالَ : فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ ، فَإِذَا هُوَ رَثُّ الْمَنْزِلِ ، رَثُّ الْهَيْئَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ زَاهِدٌ مُنْقَطِعٌ يُشْبِهُ أَمْرُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ، ثُمَّ سَأَلَنِي : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ : أَكْثَرُ مِنِّي سُؤَالًا ، قَالَ : لَمَّا قَالَ ذَلِكَ غَضِبْتُ ، قَالَ : فَجَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ ، وَرَفَعْتُ يَدَيَّ ، هَكَذَا وَصَفَ ، حِيَالَ وَجْهِهِ ، فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُمَّ نَشْكُوهُمْ إِلَيْكَ ، إِنَّا نُنْفِقُ نَفَقَاتِنَا ، وَنُنْصِبُ أَبْدَانَنَا ، وَنُرْحِلُ مَطَايَانَا ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ ، فَإِذَا لَقِينَاهُمْ تَجَهَّمُوا لَنَا وَقَالُوا لَنَا ، قَالَ : فَبَكَى أُبَيُّ وَجَعَلَ يَتَرَضَّانِي وَيَقُولُ : وَيْحَكَ ، لَمْ أَذْهِبْ هُنَاكَ ، لَمْ أَذْهِبْ هُنَاكَ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُعَاهِدُكَ ، لَئِنْ أَبْقَيْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَأَتَكَلَّمَنَّ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لَا أَخَافُ فِيهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، قَالَ : لَمَّا قَالَ ذَلِكَ انْصَرَفْتُ عَنْهُ وَجَعَلْتُ أَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَإِذَا السِّكَكُ غَاصَّةٌ مِنَ النَّاسِ ، لَا أَجِدُ سِكَّةً إِلَّا يَلْقَانِي فِيهَا النَّاسُ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا شَأْنُ النَّاسِ ؟ قَالُوا : إِنَّا نَحْسَبُكَ غَرِيبًا ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالُوا : مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ " . قَالَ جُنْدُبٌ : فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى بِالْعِرَاقِ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَ أُبَيٍّ قَالَ : " وَالَهَفَاهُ ، لَوْ بَقِيَ حَتَّى تُبَلِّغَنَا مَقَالَتُهُ "
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَإِذَا النَّاسُ فِيهِ حَلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ ، فَجَعَلْتُ أَمْضِي الْحَلَقَ حَتَّى أَتَيْتُ حَلْقَةً فِيهَا رَجُلٌ شَاحِبٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ كَأَنَّمَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : هَلَكَ أَصْحَابُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَلَا آسَى عَلَيْهِمْ ، أَحْسِبُهُ قَالَ : مِرَارًا ، قَالَ : فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَتَحَدَّثَ بِمَا قُضِيَ لَهُ ، ثُمَّ قَامَ قَالَ : فَسَأَلْتُ عَنْهُ بَعْدَمَا قَامَ ، قُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، قَالَ : فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ ، فَإِذَا هُوَ رَثُّ الْمَنْزِلِ ، رَثُّ الْهَيْئَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ زَاهِدٌ مُنْقَطِعٌ يُشْبِهُ أَمْرُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ، ثُمَّ سَأَلَنِي : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ : أَكْثَرُ مِنِّي سُؤَالًا ، قَالَ : لَمَّا قَالَ ذَلِكَ غَضِبْتُ ، قَالَ : فَجَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ ، وَرَفَعْتُ يَدَيَّ ، هَكَذَا وَصَفَ ، حِيَالَ وَجْهِهِ ، فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُمَّ نَشْكُوهُمْ إِلَيْكَ ، إِنَّا نُنْفِقُ نَفَقَاتِنَا ، وَنُنْصِبُ أَبْدَانَنَا ، وَنُرْحِلُ مَطَايَانَا ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ ، فَإِذَا لَقِينَاهُمْ تَجَهَّمُوا لَنَا وَقَالُوا لَنَا ، قَالَ : فَبَكَى أُبَيُّ وَجَعَلَ يَتَرَضَّانِي وَيَقُولُ : وَيْحَكَ ، لَمْ أَذْهِبْ هُنَاكَ ، لَمْ أَذْهِبْ هُنَاكَ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُعَاهِدُكَ ، لَئِنْ أَبْقَيْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَأَتَكَلَّمَنَّ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لَا أَخَافُ فِيهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، قَالَ : لَمَّا قَالَ ذَلِكَ انْصَرَفْتُ عَنْهُ وَجَعَلْتُ أَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَإِذَا السِّكَكُ غَاصَّةٌ مِنَ النَّاسِ ، لَا أَجِدُ سِكَّةً إِلَّا يَلْقَانِي فِيهَا النَّاسُ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا شَأْنُ النَّاسِ ؟ قَالُوا : إِنَّا نَحْسَبُكَ غَرِيبًا ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالُوا : مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ . قَالَ جُنْدُبٌ : فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى بِالْعِرَاقِ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَ أُبَيٍّ قَالَ : وَالَهَفَاهُ ، لَوْ بَقِيَ حَتَّى تُبَلِّغَنَا مَقَالَتُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي مَوْتِ أُبَيٍّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِيمَا رَأَيْتُ أَهْلَهُ وَغَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ بِالْمَدِينَةِ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنَ يَقُولُ : مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَثْبَتُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ .