لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أُصِيبَ مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَالِ : أَنَا أُدْخِلُهُ بَيْتَ الْمَالِ ، قَالَ : " لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، لَا يُؤْوَى تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ حَتَّى أَقْسِمَهُ " , فَأَمَرَ بِهِ فَوُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَوُضِعَتْ عَلَيْهَا الْأَنْطَاعُ ، وَحَرَسَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا مَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، أَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَخَذَ يَدَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ كَشَطُوا الْأَنْطَاعَ عَنِ الْأَمْوَالِ ، فَرَأَى مَنْظَرًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ , رَأَى الذَّهَبَ فِيهِ وَالْيَاقُوتَ وَالزَّبَرْجَدَ وَاللُّؤْلُؤَ يَتَلَأْلَأُ ، فَبَكَى ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا : إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِيَوْمِ بُكَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ وَسُرُورٍ , فَقَالَ : " إِنِّي وَاللَّهِ مَا ذَهَبْتُ حَيْثُ ذَهَبْتُ ، وَلَكِنَّهُ وَاللَّهِ مَا كَثُرَ هَذَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا وَقَعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ " . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقِبْلَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مُسْتَدْرَجًا ؛ فَإِنِّي أَسْمَعُكَ تَقُولُ {{ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }} " ، ثُمَّ قَالَ : " أَيْنَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ ؟ " فَأُتِيَ بِهِ أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ دَقِيقَهُمَا ، فَأَعْطَاهُ سِوَارَيْ كِسْرَى فَقَالَ : " الْبَسْهُمَا " , فَفَعَلَ , فَقَالَ : " قُلِ : اللَّهُ أَكْبَرُ " ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : " قُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَهُمَا مِنْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَأَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ " , وَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَعْضَ ذَلِكَ بَعْضًا ، فَقَالَ : " إِنَّ الَّذِي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ " , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَنَا أُخْبِرُكَ , أَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ ، وَهُمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْكَ مَا أَدَّيْتَ إِلَى اللَّهِ ، فَإِذَا رَتَعْتَ رَتَعُوا ، قَالَ : " صَدَقْتَ " ، ثُمَّ فَرَّقَهُ
وَفِيمَا أَجَازَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ ، أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ حَدَّثَهُمْ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , أنا الشَّافِعِيُّ , أنا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أُصِيبَ مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَالِ : أَنَا أُدْخِلُهُ بَيْتَ الْمَالِ ، قَالَ : لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، لَا يُؤْوَى تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ حَتَّى أَقْسِمَهُ , فَأَمَرَ بِهِ فَوُضِعَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَوُضِعَتْ عَلَيْهَا الْأَنْطَاعُ ، وَحَرَسَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا مَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، أَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَخَذَ يَدَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ كَشَطُوا الْأَنْطَاعَ عَنِ الْأَمْوَالِ ، فَرَأَى مَنْظَرًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ , رَأَى الذَّهَبَ فِيهِ وَالْيَاقُوتَ وَالزَّبَرْجَدَ وَاللُّؤْلُؤَ يَتَلَأْلَأُ ، فَبَكَى ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا : إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِيَوْمِ بُكَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ وَسُرُورٍ , فَقَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا ذَهَبْتُ حَيْثُ ذَهَبْتُ ، وَلَكِنَّهُ وَاللَّهِ مَا كَثُرَ هَذَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا وَقَعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقِبْلَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مُسْتَدْرَجًا ؛ فَإِنِّي أَسْمَعُكَ تَقُولُ {{ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }} ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ ؟ فَأُتِيَ بِهِ أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ دَقِيقَهُمَا ، فَأَعْطَاهُ سِوَارَيْ كِسْرَى فَقَالَ : الْبَسْهُمَا , فَفَعَلَ , فَقَالَ : قُلِ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : قُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَهُمَا مِنْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَأَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ , وَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَعْضَ ذَلِكَ بَعْضًا ، فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَنَا أُخْبِرُكَ , أَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ ، وَهُمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْكَ مَا أَدَّيْتَ إِلَى اللَّهِ ، فَإِذَا رَتَعْتَ رَتَعُوا ، قَالَ : صَدَقْتَ ، ثُمَّ فَرَّقَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنَّمَا أَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِسُرَاقَةَ وَنَظَرَ إِلَى ذِرَاعَيْهِ : كَأَنِّي بِكَ قَدْ لَبِسْتَ سُوَارَيْ كِسْرَى قَالَ : وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ إِلَّا سِوَارَيْنِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ : أَنْفَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَهْلِ الرَّمَادَةِ حَتَّى وَقَعَ مَطَرٌ ، فَتَرَحَّلُوا ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَاكِبًا فَرَسًا ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَتَرَحَّلُونَ بِظَعَائِنِهِمْ ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ خَصْفَةَ : أَشْهَدُ أَنَّهَا انْحَسَرَتْ عَنْكَ ، وَلَسْتَ بِابْنِ أَمَةٍ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَيْلَكَ ذَلِكَ لَوْ كُنْتُ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي أَوْ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ ، إِنَّمَا أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ