عَنِ الضَّحَّاكِ ، فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا أَفْطَرَتَا قَالَ : " يَقْضِيَانِ الصَّوْمَ وَلَا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا "
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا أَفْطَرَتَا قَالَ : يَقْضِيَانِ الصَّوْمَ وَلَا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا ، فَإِذَا ذَهَبَ ذَاكَ قَضَتَاهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّهُمْ قَالُوا : يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ صَوْمًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكُلُّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا تَأَوَّلَ آيَةَ الْإِطَاقَةِ أَيْضًا ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ }} ، فَمَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ وَالْإِطْعَامَ مَعًا ذَهَبَ فِيمَا نَرَى إِلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ فِي التَّارِكِ لِلصَّوْمِ مِنْ عُذْرٍ بِحُكْمَيْنِ ، فَجَعَلَ الْفِدْيَةَ فِي آيَةٍ وَالْقَضَاءَ فِي أُخْرَى ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ ذِكْرَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مُسَمًّى فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمَعَهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا لَهُمَا ، وَأَخْذًا بِالثِّقَةِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ رَأَوْا عَلَيْهِمَا أَنْ يُطْعِمَا وَلَا يَقْضِيَا ، فَإِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ السَّفَرِ وَلَا الْمَرْضَى الَّذِينَ فَرْضُهُمُ الْقَضَاءُ ، وَلَكِنَّهُمَا مِمَّنْ كُلِّفَ الصِّيَامَ وَطُوِّقَهُ فَلَيْسَ بِمُطِيقٍ ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِدْيَةِ ، لَيْسَ يَلْزَمُهُمْ سِوَاهَا لِقَوْلِهِ : وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَفُتْيَاهُ ، فَكَانَ تَأْوِيلُهُ عَلَى لَفْظِ قِرَاءَتِهُ ، وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا عِكْرِمَةُ , وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَظُنُّ مُجَاهِدًا كَانَ عَلَيْهَا أَيْضًا ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ بِلَا إِطْعَامٍ ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْحَمْلَ وَالرَّضَاعَ إِنَّمَا هُمَا عِلَّتَانِ مِنَ الْعِلَلِ ، وَنَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَرَضِ ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ فِيهِمَا مِنَ التَّلَفِ عَلَى الْأَنْفُسِ مَا يُخَافُ مِنَ الْمَرَضِ ، فَجَعَلُوهُمَا بِذَلِكَ مَرِيضَتَيْنِ يَلْزَمُهُمَا حُكْمُ الْمَرِيضِ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمَا قَدْ يَعُودَانِ إِلَى الْوِلَادَةِ وَالْفِطَامِ ، فَيَرْجِعَانِ مُطِيقَيْنِ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إِذَا صَارُوا إِلَى الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ : أَنَّ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الْقَضَاءَ لَا يُجْزِئُهُمَا غَيْرُهُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا ، حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْحِجَازِ وَكَذَلِكَ رَأْيُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الشَّامِ فِيمَا أَعْلَمُ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ إِنَّا قَدُ تَدَبَّرْنَا حَدِيثًا سَمِعْنَاهُ مَرْفُوعًا ، فَوَجَدْنَاهُ شَاهِدًا لِهَذَا الْقَوْلِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ