عَن أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ ، وَأَمُّنَّا ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا ، قَالَ : فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ . فَقَالُوا لَهُ : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ ، قَالَ : فَجَاءَ خَالُنَا فَنَبَّأَ عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ ، فَقُلْتُ : أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَ وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا ، وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ ، وَجَعَلَ يَبْكِي ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ ، فَتَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا ، فَأَتَيَا الْ كَاهِنَ فَخَبَّرَ أُنَيْسًا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا ، وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قُلْتُ : أَيْنَ تُوَجِّهُ ؟ قَالَ : حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِقَاءٌ يَعْنِي خِبَاءً حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، قَالَ : فَقَالَ أُنَيْسٌ إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ ، فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ ، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ ، فَرَاثَ عَلَيَّ يَعْنِي : أَبْطَأَ , ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ ، كَاهِنٌ ، سَاحِرٌ ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ أُنَيْسٌ وَاللَّهِ ، لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ ، فَلَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ يَفْرِي أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَاللَّهِ ، إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ، فَقُلْتُ : اكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ ، قَالَ : نَعَمْ وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنَّعُوا - شَكَّ أَبُو النَّضْرِ - بِهِ وَتَجَهَّمُوا لَهُ , قَالَ : فَانْطَلَقْتُ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَاسْتَضْعَفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَقُلْتَ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ : الصَّابِئُ ، قَالَ : فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ ، فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا ، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ ، فَلَبِثْتُ بِهَا ، يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، مَا لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ ، إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ ، فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، قَالَ : قُلْتُ : أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْآخَرَ ، قَالَ : فَمَا تَنَاهَتَا عَلَى قَوْلِهِمَا ، قَالَ : فَأَتَتَا عَلَيَّ فَقُلْتُ : هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكُنِّ ، فَانْطَلَقْتَا تُوَلْوِلَانِ ، وَتَقُولَانِ : لَوْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ أَنْصَارِنَا ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ قَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، قَالَ : " فَمَا قَالَ لَكُمَا ؟ " قَالَتَا : قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى ، فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ تَحِيَّةَ الْإِسْلَامِ ، قَالَ : " وَعَلَيْكَ رَحْمَةُ اللَّهِ ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ " قُلْتُ : مِنْ غِفَارٍ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا ، قَالَ : قُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ ، فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ ، فَدَفَعَنِي عَنْهُ صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، فَقَالَ : " مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا ؟ " قَلْتُ : كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، قَالَ : " فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ؟ " قُلْتُ : مَا كَانَ لِي مِنْ طَعَامٍ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ , إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ فَذَاكَ أَوَّلُ الطَّعَامِ أَكَلْتَهُ بِهَا ، قَالَ : فَغَبَّرْتُ مَا غَبَّرْتُ ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " إِنِّي وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ النَّخْلِ " وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ ، " فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ ، وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ؟ قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى لَقِيتُ أَخِي أُنَيْسًا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ ، وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَأَتَيْنَا أُمَّنَا ، فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَاحْتَمَلْنَا فَأَتَيْنَا قَوْمَنَا ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رَخْصَةَ ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُدَيْبِيَةَ أَسْلَمْنَا ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ كُلُّهُمْ ، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ إِخْوَانُنَا ، فَأَسْلَمُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثنا أَبُو النَّضْرِ ، هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، ح وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالُوا : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَن أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ ، وَأَمُّنَّا ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا ، قَالَ : فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ . فَقَالُوا لَهُ : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ ، قَالَ : فَجَاءَ خَالُنَا فَنَبَّأَ عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ ، فَقُلْتُ : أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَ وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا ، وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ ، وَجَعَلَ يَبْكِي ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ ، فَتَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا ، فَأَتَيَا الْ كَاهِنَ فَخَبَّرَ أُنَيْسًا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا ، وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قُلْتُ : أَيْنَ تُوَجِّهُ ؟ قَالَ : حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِقَاءٌ يَعْنِي خِبَاءً حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، قَالَ : فَقَالَ أُنَيْسٌ إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ ، فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ ، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ ، فَرَاثَ عَلَيَّ يَعْنِي : أَبْطَأَ , ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ ، كَاهِنٌ ، سَاحِرٌ ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ أُنَيْسٌ وَاللَّهِ ، لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ ، فَلَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ يَفْرِي أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَاللَّهِ ، إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ، فَقُلْتُ : اكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ ، قَالَ : نَعَمْ وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنَّعُوا - شَكَّ أَبُو النَّضْرِ - بِهِ وَتَجَهَّمُوا لَهُ , قَالَ : فَانْطَلَقْتُ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَاسْتَضْعَفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَقُلْتَ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ : الصَّابِئُ ، قَالَ : فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ ، فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا ، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ ، فَلَبِثْتُ بِهَا ، يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، مَا لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ ، إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ ، فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، قَالَ : قُلْتُ : أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْآخَرَ ، قَالَ : فَمَا تَنَاهَتَا عَلَى قَوْلِهِمَا ، قَالَ : فَأَتَتَا عَلَيَّ فَقُلْتُ : هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكُنِّ ، فَانْطَلَقْتَا تُوَلْوِلَانِ ، وَتَقُولَانِ : لَوْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ أَنْصَارِنَا ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ قَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، قَالَ : فَمَا قَالَ لَكُمَا ؟ قَالَتَا : قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى ، فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ تَحِيَّةَ الْإِسْلَامِ ، قَالَ : وَعَلَيْكَ رَحْمَةُ اللَّهِ ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ غِفَارٍ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا ، قَالَ : قُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ ، فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ ، فَدَفَعَنِي عَنْهُ صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، فَقَالَ : مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا ؟ قَلْتُ : كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ؟ قُلْتُ : مَا كَانَ لِي مِنْ طَعَامٍ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ , إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ فَذَاكَ أَوَّلُ الطَّعَامِ أَكَلْتَهُ بِهَا ، قَالَ : فَغَبَّرْتُ مَا غَبَّرْتُ ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ النَّخْلِ وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ ، وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ؟ قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى لَقِيتُ أَخِي أُنَيْسًا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ ، وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَأَتَيْنَا أُمَّنَا ، فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَاحْتَمَلْنَا فَأَتَيْنَا قَوْمَنَا ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رَخْصَةَ ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحُدَيْبِيَةَ أَسْلَمْنَا ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ كُلُّهُمْ ، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ إِخْوَانُنَا ، فَأَسْلَمُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ بْنُ شُمَيْلٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ . وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ فَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ : فَحَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ غَنَّامِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَقَدْ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ غَنَّامٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ