بَلَغَ أَكْثَمَ بْنَ صَيْفِيٍّ مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَأَبَى قَوْمُهُ أَنْ يَدَعُوهُ ، وَقَالُوا : أَنْتَ كَبِيرُنَا لَمْ تَكُنْ لِتَخِفَّ إِلَيْهِ , قَالَ : فَلْيَأْتِ مَنْ يُبْلِغُهُ عَنِّي ، وَيُبْلِغُنِي عَنْهُ ، فَانْتُدِبَ رَجُلَانِ ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : نَحْنُ رُسُلُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيٍّ ، وَهُوَ يَسْأَلُكَ مَنْ أَنْتَ ؟ وَمَا جِئْتَ بِهِ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا مَنْ أَنَا ، فَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَمَّا مَا أَنَا فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ " ، قَالَ : ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} ، قَالُوا : ارْدُدْ عَلَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ ، فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَفِظُوهُ ، فَأَتَيَا أَكْثَمَ ، فَقَالَ : أَبَى أَنْ يَرْفَعَ نَسَبَهُ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ نَسَبِهِ فَوَجَدْنَاهُ زَاكِيَ النَّسَبِ ، وَاسِطًا فِي مُضَرَ ، وَقَدْ رَمَى إِلَيْنَا بِكَلِمَاتٍ قَدْ حَفِظْنَاهُنَّ ، فَلَمَّا سَمِعَهُنَّ أَكْثَمُ قَالَ : أَيْ قَوْمِ ، أَرَاهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَيَنْهَى عَنْ مَلَائِمِهَا ، فَكُونُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ رُؤَسَاءَ ، وَلَا تَكُونُوا فِيهِ أَذْنَابًا ، وَكُونُوا فِيهِ أَوَّلًا ، وَلَا تَكُونُوا فِيهِ آخِرًا ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَأَوْصَى حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَبْلَى عَلَيْهِمَا أَصْلٌ ، وَلَا يُهْتَصُرُ عَلَيْهِمَا فَرْعٌ ، وَإِيَّاكُمْ وَنِكَاحَ الْحَمْقَاءِ ؛ فَإِنَّ صُحْبَتَهَا قَذَرٌ ، وَإِيَّاكُمْ وَأَعْيَانَ الْإِبِلِ ؛ فَإِنَّ فِيهَا غِذَاءَ الصَّغِيرِ ، وَجَبْرَ الْكَسِيرِ ، وَفِكَاكَ الْأَسِيرِ ، وَمَهْرَ الْكَرِيمَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ سُوءَ حَمْلِ الْغِنَى يُورَثُ مَرَحًا ، وَإِنَّ سُوءَ حَمْلِ الْفَقْرِ يَضَعُ الشَّرَفَ ، وَإِنَّ الْعُدْمَ عُدْمُ الْعَقْلِ لَا عُدْمَ الْمَالِ ، وَإِنَّ الْوَحْشَةَ فِي ذَهَابِ الْأَعْلَامِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَقْتَلَ الرَّجُلِ بَيْنَ لِحْيَيْهِ ، يَا قَوْمُ لَا تَكُونُوا كَالْوَالِهِ ، وَلَا تَوَاكَلُوا الرِّفْدَ ؛ فَإِنَّ تَوَاكُلَ الرِّفْدِ عَلَمٌ لِلْخِذْلَانِ ، وَدَاعِيَةٌ لِلْحِرْمَانِ ، وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَ الْقَدْرِ اسْتَحَقَّ الْمَنْعَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ كَثِيرَ النُّصْحِ يَهْبِطُ عَلَى كَثِيرِ الظِّنَّةِ ، وَأَنَّ قَوْلَ الْحَقِّ لَمْ يَتْرُكْ لِي صَدِيقًا "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْحِ الْحَنْبَلِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْمُنْكَدِرِيُّ ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَلَغَ أَكْثَمَ بْنَ صَيْفِيٍّ مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَأَبَى قَوْمُهُ أَنْ يَدَعُوهُ ، وَقَالُوا : أَنْتَ كَبِيرُنَا لَمْ تَكُنْ لِتَخِفَّ إِلَيْهِ , قَالَ : فَلْيَأْتِ مَنْ يُبْلِغُهُ عَنِّي ، وَيُبْلِغُنِي عَنْهُ ، فَانْتُدِبَ رَجُلَانِ ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالُوا : نَحْنُ رُسُلُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيٍّ ، وَهُوَ يَسْأَلُكَ مَنْ أَنْتَ ؟ وَمَا جِئْتَ بِهِ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَّا مَنْ أَنَا ، فَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَمَّا مَا أَنَا فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} ، قَالُوا : ارْدُدْ عَلَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ ، فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَفِظُوهُ ، فَأَتَيَا أَكْثَمَ ، فَقَالَ : أَبَى أَنْ يَرْفَعَ نَسَبَهُ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ نَسَبِهِ فَوَجَدْنَاهُ زَاكِيَ النَّسَبِ ، وَاسِطًا فِي مُضَرَ ، وَقَدْ رَمَى إِلَيْنَا بِكَلِمَاتٍ قَدْ حَفِظْنَاهُنَّ ، فَلَمَّا سَمِعَهُنَّ أَكْثَمُ قَالَ : أَيْ قَوْمِ ، أَرَاهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَيَنْهَى عَنْ مَلَائِمِهَا ، فَكُونُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ رُؤَسَاءَ ، وَلَا تَكُونُوا فِيهِ أَذْنَابًا ، وَكُونُوا فِيهِ أَوَّلًا ، وَلَا تَكُونُوا فِيهِ آخِرًا ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَأَوْصَى حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَبْلَى عَلَيْهِمَا أَصْلٌ ، وَلَا يُهْتَصُرُ عَلَيْهِمَا فَرْعٌ ، وَإِيَّاكُمْ وَنِكَاحَ الْحَمْقَاءِ ؛ فَإِنَّ صُحْبَتَهَا قَذَرٌ ، وَإِيَّاكُمْ وَأَعْيَانَ الْإِبِلِ ؛ فَإِنَّ فِيهَا غِذَاءَ الصَّغِيرِ ، وَجَبْرَ الْكَسِيرِ ، وَفِكَاكَ الْأَسِيرِ ، وَمَهْرَ الْكَرِيمَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ سُوءَ حَمْلِ الْغِنَى يُورَثُ مَرَحًا ، وَإِنَّ سُوءَ حَمْلِ الْفَقْرِ يَضَعُ الشَّرَفَ ، وَإِنَّ الْعُدْمَ عُدْمُ الْعَقْلِ لَا عُدْمَ الْمَالِ ، وَإِنَّ الْوَحْشَةَ فِي ذَهَابِ الْأَعْلَامِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَقْتَلَ الرَّجُلِ بَيْنَ لِحْيَيْهِ ، يَا قَوْمُ لَا تَكُونُوا كَالْوَالِهِ ، وَلَا تَوَاكَلُوا الرِّفْدَ ؛ فَإِنَّ تَوَاكُلَ الرِّفْدِ عَلَمٌ لِلْخِذْلَانِ ، وَدَاعِيَةٌ لِلْحِرْمَانِ ، وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَ الْقَدْرِ اسْتَحَقَّ الْمَنْعَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ كَثِيرَ النُّصْحِ يَهْبِطُ عَلَى كَثِيرِ الظِّنَّةِ ، وَأَنَّ قَوْلَ الْحَقِّ لَمْ يَتْرُكْ لِي صَدِيقًا