سَمِعْتُ سُفْيَانَ ، يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ فِيمَا يُوصِيهِ : يَا أَخِي ، عَلَيْكَ بِالْكَسْبِ الطَّيِّبِ , وَمَا تَكْسِبُ بِيَدِكَ , وَإِيَّاكَ وَأَوْسَاخَ النَّاسِ أَنْ تَأْكُلَهُ أَوْ تَلْبَسَهُ , فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسَ مَثَلُهُ مَثَلُ عُلِّيَّةٌ لِرَجُلٍ , وَسُفْلُهُ لَيْسَ لَهُ , فَهُوَ لَا يَزَالُ عَلَى خَوْفٍ أَنْ يَقَعَ سُفْلُهُ , وَتَتَهَدَّمَ عُلِّيَّتُهُ , فَالَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَوًى , وَيَتَوَاضَعُ لِلنَّاسِ مَخَافَةَ أَنْ يُمْسِكُوا عَنْهُ , وَيَا أَخِي إِنْ تَنَاوَلْتَ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا قَطَعْتَ لِسَانَكَ , وَأَكْرَمْتَ بَعْضَ النَّاسِ , وَأَهَنْتَ بَعْضَهُمْ , مَعَ مَا يَنْزِلُ بِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَإِنَّ الَّذِي يُعْطِيكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّمَا هُوَ وَسَخُهُ , وَتَفْسِيرُ وَسَخِهِ تَطْهِيرُ عَمَلِهِ مِنَ الذُّنُوبِ , وَإِنْ أَنْتَ تَنَاوَلْتَ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا إِنْ دَعَوْكَ إِلَى مُنْكَرٍ أَجَبْتَهُمْ , وَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ كَالرَّجُلِ لَهُ شُرَكَاءُ فِي شَيْءٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُمْ , يَا أَخِي جُوعٌ , وَقَلِيلٌ مِنَ الْعِبَادَةِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَشْبَعَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادَةِ , وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَخَذَ حَبْلًا ثُمَّ احْتَطَبَ حَتَّى يُدَبِّرَ ظَهْرَهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَقُومَ عَلَى رَأْسِ أَخِيهِ يَسْأَلُهُ أَوْ يَرْجُوهُ " وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَمِدْنَاهُ , وَمَنْ لَمْ يَعْمَلِ اتَّهَمْنَاهُ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ , ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ , وَلَا تَزِيدُوا الْخُشُوعَ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ , اسْتَبِقُوا فِي الْخَيْرَاتِ , وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ , فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ , وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّ الَّذِي يَعِيشُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالَّذِي يَغْرِسُ شَجَرَةً فِي أَرْضِ غَيْرِهِ , فَاتَّقِ اللَّهَ يَا أَخِي , فَإِنَّهُ مَا نَالَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا إِلَّا صَارَ حَقِيرًا ذَلِيلًا عِنْدَ النَّاسِ , وَالْمُؤْمِنُونَ شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَكْسِبَ خَبِيثًا فَتُنْفِقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ , فَإِنَّ تَرْكَهُ فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ , وَإِنَّهُ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا , أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَصَابَ ثَوْبَهُ بَوْلٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَهِّرَهُ , فَغَسَلَهُ بِبَوْلٍ آخَرَ , أَتَرَى كَانَ ذَلِكَ يُطَهِّرُهُ ؟ كَلَّا إِنَّ الْقَذِرَ لَا يُطَهَّرُ إِلَّا بِطَيِّبٍ فَكَذَلِكَ لَا تُمْحَى السَّيِّئَةُ إِلَّا بِالْحَسَنَةِ , وَإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ , وَإِنَّ الْحَرَامَ لَا يُقْبَلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ , أَوْ هَلْ عَمِلَ أَحَدٌ ذَنْبًا فَمَحَاهُ بِذَنْبٍ ؟ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبِي ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، ثنا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ ، يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ فِيمَا يُوصِيهِ : يَا أَخِي ، عَلَيْكَ بِالْكَسْبِ الطَّيِّبِ , وَمَا تَكْسِبُ بِيَدِكَ , وَإِيَّاكَ وَأَوْسَاخَ النَّاسِ أَنْ تَأْكُلَهُ أَوْ تَلْبَسَهُ , فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسَ مَثَلُهُ مَثَلُ عُلِّيَّةٌ لِرَجُلٍ , وَسُفْلُهُ لَيْسَ لَهُ , فَهُوَ لَا يَزَالُ عَلَى خَوْفٍ أَنْ يَقَعَ سُفْلُهُ , وَتَتَهَدَّمَ عُلِّيَّتُهُ , فَالَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَوًى , وَيَتَوَاضَعُ لِلنَّاسِ مَخَافَةَ أَنْ يُمْسِكُوا عَنْهُ , وَيَا أَخِي إِنْ تَنَاوَلْتَ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا قَطَعْتَ لِسَانَكَ , وَأَكْرَمْتَ بَعْضَ النَّاسِ , وَأَهَنْتَ بَعْضَهُمْ , مَعَ مَا يَنْزِلُ بِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَإِنَّ الَّذِي يُعْطِيكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّمَا هُوَ وَسَخُهُ , وَتَفْسِيرُ وَسَخِهِ تَطْهِيرُ عَمَلِهِ مِنَ الذُّنُوبِ , وَإِنْ أَنْتَ تَنَاوَلْتَ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا إِنْ دَعَوْكَ إِلَى مُنْكَرٍ أَجَبْتَهُمْ , وَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ كَالرَّجُلِ لَهُ شُرَكَاءُ فِي شَيْءٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُمْ , يَا أَخِي جُوعٌ , وَقَلِيلٌ مِنَ الْعِبَادَةِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَشْبَعَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادَةِ , وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَخَذَ حَبْلًا ثُمَّ احْتَطَبَ حَتَّى يُدَبِّرَ ظَهْرَهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَقُومَ عَلَى رَأْسِ أَخِيهِ يَسْأَلُهُ أَوْ يَرْجُوهُ وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَمِدْنَاهُ , وَمَنْ لَمْ يَعْمَلِ اتَّهَمْنَاهُ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ , ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ , وَلَا تَزِيدُوا الْخُشُوعَ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ , اسْتَبِقُوا فِي الْخَيْرَاتِ , وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ , فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ , وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّ الَّذِي يَعِيشُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالَّذِي يَغْرِسُ شَجَرَةً فِي أَرْضِ غَيْرِهِ , فَاتَّقِ اللَّهَ يَا أَخِي , فَإِنَّهُ مَا نَالَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ شَيْئًا إِلَّا صَارَ حَقِيرًا ذَلِيلًا عِنْدَ النَّاسِ , وَالْمُؤْمِنُونَ شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَكْسِبَ خَبِيثًا فَتُنْفِقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ , فَإِنَّ تَرْكَهُ فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ , وَإِنَّهُ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا , أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَصَابَ ثَوْبَهُ بَوْلٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَهِّرَهُ , فَغَسَلَهُ بِبَوْلٍ آخَرَ , أَتَرَى كَانَ ذَلِكَ يُطَهِّرُهُ ؟ كَلَّا إِنَّ الْقَذِرَ لَا يُطَهَّرُ إِلَّا بِطَيِّبٍ فَكَذَلِكَ لَا تُمْحَى السَّيِّئَةُ إِلَّا بِالْحَسَنَةِ , وَإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ , وَإِنَّ الْحَرَامَ لَا يُقْبَلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ , أَوْ هَلْ عَمِلَ أَحَدٌ ذَنْبًا فَمَحَاهُ بِذَنْبٍ ؟