سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ ، يَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِمَّنْ كَانَ أَقْطَعَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْخَوَرْنَقِ - رِسَالَةَ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ إِلَى أَخٍ لَهُ بِمَوَاعِظَ وَشَرَائِعَ مِنَ الدِّينِ وَأَدَبٍ : عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ ، وَأُوصِيكَ وَإِيَّايَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَجْهَلَ بَعْدَ إِذْ عَلِمْتَ ، وَتَهْلِكُ بَعْدَ إِذْ أَبْصَرْتَ ، وَتَدَعُ الطَّرِيقَ بَعْدَ إِذْ وَضَحَ لَكَ ، وَتَغْتَرُّ بِأَهْلِ الدُّنْيَا بِطَلِبِهِمْ لَهَا وَحِرْصِهِمْ عَلَيْهَا وَجَمْعِهِمْ لَهَا ، فَإِنَّ الْهَوْلَ شَدِيدٌ ، وَالْخَطَرَ عَظِيمٌ ، وَالْأَمْرَ قَرِيبٌ ، وَكَانَ قَدْ كَانَ وَتَفَرَّغْ وَفَرِّغْ قَلْبَكَ ثُمَّ الْجِدَّ الْجِدَّ وَالْوَحَا الْوَحَا وَالْهَرَبَ الْهَرَبَ ، وَارْتَحِلْ إِلَى الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يُرْتَحَلَ بِكَ ، وَاسْتَقْبِلْ رُسُلَ رَبِّكَ وَانْكَمِشْ وَاشْدُدْ مِئْزَرَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى قَضَاؤُكَ وَيُحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تُرِيدُ ، فَقَدْ وَعَظْتُكَ بِمَا وَعَظْتُ بِهِ نَفْسِي وَالتَّوْفِيقُ مِنَ اللَّهِ وَمِفْتَاحُ التَّوْفِيقِ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ وَالِاسْتِكَانَةُ وَالنَّدَامَةُ عَلَى مَا فَرَّطْتَ ، وَلَا تُضَيِّعْ حَقَّكَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهِ أَنْ لَا يَكِلْنَا وَإِيَّاكَ إِلَى أَنْفُسِنَا وَأَنْ يَتَوَلَّى مِنَّا وَمِنْكَ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَحْبَابِهِ ثُمَّ إِيَّاكَ وَمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ عَمَلَكَ فَإِنَّمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ عَمَلَكَ الرِّيَاءُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِيَاءٌ فَإِعْجَابُكَ بِنَفْسِكَ حَتَّى يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّكَ أَفْضَلُ مِنْ أَخٍ لَكَ ، وَعَسَى أَنْ لَا تُصِيبَ مِنَ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي يُصِيبُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَوْرَعُ مِنْكَ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَأَزْكَى مِنْكَ عَمَلًا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْجَبًا بِنَفْسِكَ فَإِيَّاكَ أَنْ تُحِبَّ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَمَحْمَدَتُهُمْ أَنْ تُحِبَّ أَنْ يُكْرِمُوكَ بِعَمَلِكَ وَيَرَوْا لَكَ بِهِ شَرَفًا وَمَنْزِلَةً فِي صُدُورِهِمْ أَوْ حَاجَةً تَطْلُبُهَا إِلَيْهِمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ، فَإِنَّمَا تُرِيدُ بِعَمَلِكَ زَعَمَتْ وَجْهَ الدَّارِ الْآخِرَةِ لَا تُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ فَكَفَى بِكَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ مُزَهِّدًا فِي الدُّنْيَا وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَةِ وَكَفَى بِطُولِ الْأَمَلِ قِلَّةُ خَوْفٍ وَجُرْأَةٌ عَلَى الْمَعَاصِي ، وَكَفَى بِالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ كَانَ يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، ثَنَا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ ، مَوْلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلْمٍ - بِعَيْنٍ رَزِيَّةٍ - قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ ، يَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِمَّنْ كَانَ أَقْطَعَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْخَوَرْنَقِ - رِسَالَةَ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ إِلَى أَخٍ لَهُ بِمَوَاعِظَ وَشَرَائِعَ مِنَ الدِّينِ وَأَدَبٍ : عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ ، وَأُوصِيكَ وَإِيَّايَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَجْهَلَ بَعْدَ إِذْ عَلِمْتَ ، وَتَهْلِكُ بَعْدَ إِذْ أَبْصَرْتَ ، وَتَدَعُ الطَّرِيقَ بَعْدَ إِذْ وَضَحَ لَكَ ، وَتَغْتَرُّ بِأَهْلِ الدُّنْيَا بِطَلِبِهِمْ لَهَا وَحِرْصِهِمْ عَلَيْهَا وَجَمْعِهِمْ لَهَا ، فَإِنَّ الْهَوْلَ شَدِيدٌ ، وَالْخَطَرَ عَظِيمٌ ، وَالْأَمْرَ قَرِيبٌ ، وَكَانَ قَدْ كَانَ وَتَفَرَّغْ وَفَرِّغْ قَلْبَكَ ثُمَّ الْجِدَّ الْجِدَّ وَالْوَحَا الْوَحَا وَالْهَرَبَ الْهَرَبَ ، وَارْتَحِلْ إِلَى الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يُرْتَحَلَ بِكَ ، وَاسْتَقْبِلْ رُسُلَ رَبِّكَ وَانْكَمِشْ وَاشْدُدْ مِئْزَرَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى قَضَاؤُكَ وَيُحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تُرِيدُ ، فَقَدْ وَعَظْتُكَ بِمَا وَعَظْتُ بِهِ نَفْسِي وَالتَّوْفِيقُ مِنَ اللَّهِ وَمِفْتَاحُ التَّوْفِيقِ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ وَالِاسْتِكَانَةُ وَالنَّدَامَةُ عَلَى مَا فَرَّطْتَ ، وَلَا تُضَيِّعْ حَقَّكَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهِ أَنْ لَا يَكِلْنَا وَإِيَّاكَ إِلَى أَنْفُسِنَا وَأَنْ يَتَوَلَّى مِنَّا وَمِنْكَ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَحْبَابِهِ ثُمَّ إِيَّاكَ وَمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ عَمَلَكَ فَإِنَّمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ عَمَلَكَ الرِّيَاءُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِيَاءٌ فَإِعْجَابُكَ بِنَفْسِكَ حَتَّى يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّكَ أَفْضَلُ مِنْ أَخٍ لَكَ ، وَعَسَى أَنْ لَا تُصِيبَ مِنَ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي يُصِيبُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَوْرَعُ مِنْكَ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَأَزْكَى مِنْكَ عَمَلًا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْجَبًا بِنَفْسِكَ فَإِيَّاكَ أَنْ تُحِبَّ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَمَحْمَدَتُهُمْ أَنْ تُحِبَّ أَنْ يُكْرِمُوكَ بِعَمَلِكَ وَيَرَوْا لَكَ بِهِ شَرَفًا وَمَنْزِلَةً فِي صُدُورِهِمْ أَوْ حَاجَةً تَطْلُبُهَا إِلَيْهِمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ، فَإِنَّمَا تُرِيدُ بِعَمَلِكَ زَعَمَتْ وَجْهَ الدَّارِ الْآخِرَةِ لَا تُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ فَكَفَى بِكَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ مُزَهِّدًا فِي الدُّنْيَا وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَةِ وَكَفَى بِطُولِ الْأَمَلِ قِلَّةُ خَوْفٍ وَجُرْأَةٌ عَلَى الْمَعَاصِي ، وَكَفَى بِالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ كَانَ يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ