فَكَتَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ كِتَابًا : أَمَا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَرْعَاكَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِتَكُونَ فِيهَا بِالْقِسْطِ قَائِمًا وَبِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَفْضِ الْجَنَاحِ وَالرَّأْفَةِ مُتَشَبِّهًا ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُسَكِّنَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ دَهْمَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَرْزُقَهُ رَحِمْتَهَا فَإِنَّ سَايِحَةَ الْمُشْرِكِينَ غَلَبَتْ عَامَ أَوَّلَ وَمَوْطِئَهُمْ حَرِيمَ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِنْزَالُهُمُ الْعَوَاتِقَ وَالذَّرَارِيَّ مِنَ الْمَعَاقِلِ وَالْحُصُونِ ، وَكَانَ ذَلِكَ بِذُنُوبِ الْعِبَادِ ، وَمَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ ، فَبِذُنُوبِ الْعِبَادِ اسْتُنْزِلَتِ الْعَوَاتِقُ وَالذَّرَارِيُّ مِنَ الْمَعَاقِلِ وَالْحُصُونِ لَا يَلْقَوْنَ لَهُمْ نَاصِرًا وَلَا عَنْهُمْ مُدَافِعًا ، كَاشِفَاتٍ مِنْ رُءُوسِهِنَّ وَأَقْدَامِهِنَّ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَرْأَى وَمَسْمَعٍ ، وَحَيْثُ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَتَّبِعْ بِالْمُفَادَاتِ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ سَبِيلًا وَلْيَخْرُجْ مِنْ مَحَجَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ) وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَيْءٌ مَوْقُوفٌ ، وَلَا ذِمَّةٌ تُؤَدِّي خَرَاجًا إِلَّا خَاصَّةَ أَمْوَالِهِمْ ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَلْفِي فِي الصَّلَاةِ فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَتَنَ أُمُّهُ " فَكَيْفَ بِتَخْلِيَتِهِمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَيْدِي عَدُوِّهِمْ يَمْتَهِنُونَهُمْ وَيَتَكَشَّفُونَ مِنْهُمْ مَا لَا نَسْتَحِلُّهُ نَحْنُ إِلَّا بِنِكَاحٍ ، وَأَنْتَ رَاعِي اللَّهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى فَوْقَكَ وَمُسْتَوْفٍ مِنْكَ يَوْمَ تُوضَعُ {{ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }} فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُهُ أَمَرَ بِالْفِدَاءِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، ثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الثَّعْلَبِيُّ ، قَالَ : لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ ، وَمُحَمَّدٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَرَادَ أَهْلَ الثُّغُورِ أَنْ يُعِينُوهُ عَلَيْهِمَا فَأَبَوْا ذَلِكَ فَوَقَعَ فِي يَدِ مَلِكِ الرُّومِ الْأُلُوفُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسْرَى - وَكَانَ مَلِكُ الرُّومِ يُحِبُّ أَنْ يُفَادِيَ بِهِمْ ، وَيَأْبَى أَبُو جَعْفَرٍ - فَكَتَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ كِتَابًا : أَمَا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَرْعَاكَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِتَكُونَ فِيهَا بِالْقِسْطِ قَائِمًا وَبِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خَفْضِ الْجَنَاحِ وَالرَّأْفَةِ مُتَشَبِّهًا ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُسَكِّنَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ دَهْمَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَرْزُقَهُ رَحِمْتَهَا فَإِنَّ سَايِحَةَ الْمُشْرِكِينَ غَلَبَتْ عَامَ أَوَّلَ وَمَوْطِئَهُمْ حَرِيمَ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِنْزَالُهُمُ الْعَوَاتِقَ وَالذَّرَارِيَّ مِنَ الْمَعَاقِلِ وَالْحُصُونِ ، وَكَانَ ذَلِكَ بِذُنُوبِ الْعِبَادِ ، وَمَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ ، فَبِذُنُوبِ الْعِبَادِ اسْتُنْزِلَتِ الْعَوَاتِقُ وَالذَّرَارِيُّ مِنَ الْمَعَاقِلِ وَالْحُصُونِ لَا يَلْقَوْنَ لَهُمْ نَاصِرًا وَلَا عَنْهُمْ مُدَافِعًا ، كَاشِفَاتٍ مِنْ رُءُوسِهِنَّ وَأَقْدَامِهِنَّ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَرْأَى وَمَسْمَعٍ ، وَحَيْثُ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَتَّبِعْ بِالْمُفَادَاتِ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ سَبِيلًا وَلْيَخْرُجْ مِنْ مَحَجَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ) وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَيْءٌ مَوْقُوفٌ ، وَلَا ذِمَّةٌ تُؤَدِّي خَرَاجًا إِلَّا خَاصَّةَ أَمْوَالِهِمْ ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَلْفِي فِي الصَّلَاةِ فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَتَنَ أُمُّهُ فَكَيْفَ بِتَخْلِيَتِهِمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَيْدِي عَدُوِّهِمْ يَمْتَهِنُونَهُمْ وَيَتَكَشَّفُونَ مِنْهُمْ مَا لَا نَسْتَحِلُّهُ نَحْنُ إِلَّا بِنِكَاحٍ ، وَأَنْتَ رَاعِي اللَّهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى فَوْقَكَ وَمُسْتَوْفٍ مِنْكَ يَوْمَ تُوضَعُ {{ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }} فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُهُ أَمَرَ بِالْفِدَاءِ