قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ : " إِنِّي لَلَيْلَةً حِذَاءَ هَذَا الْمِنْبَرِ جَوْفَ اللَّيْلِ أَدْعُو إِذَا إِنْسَانٌ عِنْدَ أُسْطُوَانَةٍ مُقَنِّعٌ رَأْسَهُ ، فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ إِنَّ الْقَحْطَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَى عِبَادِكَ وَإِنِّي مُقْسِمٌ عَلَيْكَ يَا رَبِّ إِلَّا سَقَيْتَهُمْ ، قَالَ : فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةٌ إِذَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ ، وَكَانَ عَزِيزًا عَلَى ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ ، فَقَالَ : هَذَا بِالْمَدِينَةِ وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَقَنَّعَ وَانْصَرَفَ ، فَاتَّبَعَهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْقَاصِّ حَتَّى أَتَى دَارَ أَنَسٍ فَدَخَلَ مَوْضِعًا ، وَأَخْرَجَ مِفْتَاحًا ، فَفَتَحَ ثُمَّ دَخَلَ ، قَالَ : وَرَجَعْتُ فَلَمَّا سَبَّحْتُ أَتَيْتُهُ فَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ نَجْرًا فِي بَيْتِهِ فَسَلَّمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَدْخُلُ ؟ قَالَ : ادْخُلْ ، فَإِذَا هُوَ يَنْجُرُ أَقْدَاحًا يَعْمَلُهَا ، فَقُلْتُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ ؟ قَالَ : فَاسْتَشْهَدَهَا وَأَعْظَمَهَا مِنِّي ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ إِقْسَامَكَ الْبَارِحَةَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَخِي ، هَلْ لَكَ فِي نَفَقَةٍ تُغْنِيكَ عَنْ هَذَا ، وَتُفْرِغُكَ لِمَا تُرِيدُ مِنَ الْآخِرَةِ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَذْكُرْنِي لِأَحَدٍ ، وَلَا تَذْكُرْ هَذَا عِنْدَ أَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ ، وَلَا تَأْتِيَنِّي يَا ابْنَ الْمُنْكَدِرِ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِي شَهَرْتَنِي لِلنَّاسِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاكَ ، قَالَ : الْقَنِي فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ فَارِسِيًّا ، قَالَ : فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ لِأَحَدٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ الدَّارِ ، فَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَ ، فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ : اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ، أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِحَ "
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَرَوِيُّ ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، ثَنَا ابْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ : إِنِّي لَلَيْلَةً حِذَاءَ هَذَا الْمِنْبَرِ جَوْفَ اللَّيْلِ أَدْعُو إِذَا إِنْسَانٌ عِنْدَ أُسْطُوَانَةٍ مُقَنِّعٌ رَأْسَهُ ، فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ إِنَّ الْقَحْطَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَى عِبَادِكَ وَإِنِّي مُقْسِمٌ عَلَيْكَ يَا رَبِّ إِلَّا سَقَيْتَهُمْ ، قَالَ : فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةٌ إِذَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ ، وَكَانَ عَزِيزًا عَلَى ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ ، فَقَالَ : هَذَا بِالْمَدِينَةِ وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَقَنَّعَ وَانْصَرَفَ ، فَاتَّبَعَهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْقَاصِّ حَتَّى أَتَى دَارَ أَنَسٍ فَدَخَلَ مَوْضِعًا ، وَأَخْرَجَ مِفْتَاحًا ، فَفَتَحَ ثُمَّ دَخَلَ ، قَالَ : وَرَجَعْتُ فَلَمَّا سَبَّحْتُ أَتَيْتُهُ فَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ نَجْرًا فِي بَيْتِهِ فَسَلَّمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَدْخُلُ ؟ قَالَ : ادْخُلْ ، فَإِذَا هُوَ يَنْجُرُ أَقْدَاحًا يَعْمَلُهَا ، فَقُلْتُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ ؟ قَالَ : فَاسْتَشْهَدَهَا وَأَعْظَمَهَا مِنِّي ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ إِقْسَامَكَ الْبَارِحَةَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَخِي ، هَلْ لَكَ فِي نَفَقَةٍ تُغْنِيكَ عَنْ هَذَا ، وَتُفْرِغُكَ لِمَا تُرِيدُ مِنَ الْآخِرَةِ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَذْكُرْنِي لِأَحَدٍ ، وَلَا تَذْكُرْ هَذَا عِنْدَ أَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ ، وَلَا تَأْتِيَنِّي يَا ابْنَ الْمُنْكَدِرِ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِي شَهَرْتَنِي لِلنَّاسِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاكَ ، قَالَ : الْقَنِي فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ فَارِسِيًّا ، قَالَ : فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ لِأَحَدٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ الدَّارِ ، فَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَ ، فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ : اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ، أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِحَ