لَمَّا رَأَى عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَا فِيهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَهُوَ يَغْدُو وَيَرُوحُ فِي أَمَانٍ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : " وَاللَّهِ إِنَّ غُدُوِّي وَرَوَاحِي آمِنًا بِجِوَارِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَأَصْحَابِي وَأَهْلُ دِينِي يَلْقَوْنَ مِنَ الْأَذَى وَالْبَلَاءِ مَا لَا يُصِيبُنِي ، لَنَقْصٌ كَبِيرٌ فِي نَفْسِي " . فَمَشَى إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ لَهُ : " يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ وَفَتْ ذِمَّتُكَ ، قَدْ رَدَدْتُ إِلَيْكَ جِوَارَكَ " قَالَ : لِمَ يَا ابْنَ أَخِي ؟ لَعَلَّهُ آذَاكَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِي ؟ قَالَ : " لَا ، وَلَكِنِّي أَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَجِيرَ بِغَيْرِهِ " قَالَ : فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَارْدُدْ عَلَيَّ جِوَارِي عَلَانِيَةً كَمَا أَجَرْتُكَ عَلَانِيَةً ، قَالَ : فَانْطَلَقَا ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ : هَذَا عُثْمَانُ قَدْ جَاءَ يَرُدُّ عَلَيَّ جِوَارِي ، قَالَ لَهُمْ : " قَدْ صَدَقَ ، قَدْ وَجَدْتُهُ وَفِيًّا كَرِيمَ الْجِوَارِ ، وَلَكِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَسْتَجِيرَ بِغَيْرِ اللَّهِ ، فَقَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ جِوَارَهُ " ثُمَّ انْصَرَفَ عُثْمَانُ ، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِلَابٍ الْقَيْسِيُّ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ قُرَيْشٍ يُنْشِدُهُمْ ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ عُثْمَانُ ، فَقَالَ لَبِيدٌ وَهُوَ يُنْشِدُهُمْ : {
} أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ {
}فَقَالَ : عُثْمَانُ : صَدَقْتَ ، فَقَالَ : وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ {
}فَقَالَ : عُثْمَانُ : " كَذَبْتَ نَعِيمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَزُولُ " قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا كَانَ يُؤْذَى جَلِيسُكُمْ ، فَمَتَى حَدَثَ فِيكُمْ هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : إِنَّ هَذَا سَفِيهٌ فِي سُفَهَاءٍ مَعَهُ قَدْ فَارَقُوا دِينَنَا ، فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ مِنْ قَوْلِهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عُثْمَانُ حَتَّى سَرَى - أَيْ عَظُمَ - أَمْرُهُمَا ، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَطَمَ عَيْنَهُ فَخَضَرَهَا ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ يَرَى مَا بَلَغَ مِنْ عُثْمَانَ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ عَمَّا أَصَابَهَا لَغَنِيَّةً ، لَقَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : " بَلَى وَاللَّهِ إِنَّ عَيْنِي الصَّحِيحَةَ لَفَقِيرَةٌ إِلَى مَا أَصَابَ أُخْتَهَا فِي اللَّهِ ، وَإِنِّي لَفِي جِوَارِ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْكَ وَأَقْدَرُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ " فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ عَيْنِهِ : " {
} فَإنْ تَكُ عَيْنِي فِي رِضَا الرَّبِّ نَالَهَا {
}يَدَا مُلْحِدٍ فِي الدِّينِ لَيْسَ بِمُهْتَدِ {
}{
} فَقَدْ عَوَّضَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا ثَوَابَهُ {
}وَمَنْ يَرْضَهُ الرَّحْمَنُ يَا قَوْمُ يَسْعَدِ {
}{
} فَإِنِّي وَإِنْ قُلْتُمْ غَوِيٌّ مُضَلَّلٌ {
} سَفِيهٌ عَلَى دِينِ الرَّسُولِ مُحَمَّدِ {
}{
} أُرِيدُ بِذَاكَ اللَّهَ وَالْحَقُّ دِينُنَا {
}عَلَى رَغْمِ مَنْ يَبْغِي عَلَيْنَا وَيَعْتَدِي {
}" وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ عَيْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : {
} أَمِنْ تَذَكُّرِ دَهْرٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ {
}أَصْبَحْتَ مُكْتَئِبًا تَبْكِي كَمَحْزُونِ {
}{
} أَمِنْ تَذَكُّرِ أَقْوَامٍ ذَوِي سَفَهٍ {
}يَغْشَوْنَ بِالظُّلْمِ مَنْ يَدْعُو إِلَى الدِّينِ {
}{
} لَا يَنْتَهُونَ عَنِ الْفَحْشَاءِ مَا سَلِمُوا {
}وَالْغَدْرُ فِيهِمْ سَبِيلٌ غَيْرُ مَأْمُونِ {
}{
} أَلَا تَرَوْنَ أَقَلَّ اللَّهُ خَيْرَهُمُ {
}أَنَّا غَضِبْنَا لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونِ {
}{
} إِذْ يَلْطُمُونَ وَلَا يَخْشَوْنَ مُقْلَتَهُ {
}طَعْنًا دَرَاكًا وَضَرْبًا غَيْرَ مَأْفُونِ {
}{
} فَسَوْفَ يَجْزِيهِمُ إِنْ لَمْ يَمُتْ عَجِلًا {
}كَيْلًا بِكَيْلٍ جَزَاءً غَيْرَ مَغْبُونِ {
}"
حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ عُثْمَانَ ، قَالَ : لَمَّا رَأَى عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَا فِيهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَهُوَ يَغْدُو وَيَرُوحُ فِي أَمَانٍ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّ غُدُوِّي وَرَوَاحِي آمِنًا بِجِوَارِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَأَصْحَابِي وَأَهْلُ دِينِي يَلْقَوْنَ مِنَ الْأَذَى وَالْبَلَاءِ مَا لَا يُصِيبُنِي ، لَنَقْصٌ كَبِيرٌ فِي نَفْسِي . فَمَشَى إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ وَفَتْ ذِمَّتُكَ ، قَدْ رَدَدْتُ إِلَيْكَ جِوَارَكَ قَالَ : لِمَ يَا ابْنَ أَخِي ؟ لَعَلَّهُ آذَاكَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِي ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنِّي أَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَجِيرَ بِغَيْرِهِ قَالَ : فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَارْدُدْ عَلَيَّ جِوَارِي عَلَانِيَةً كَمَا أَجَرْتُكَ عَلَانِيَةً ، قَالَ : فَانْطَلَقَا ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ : هَذَا عُثْمَانُ قَدْ جَاءَ يَرُدُّ عَلَيَّ جِوَارِي ، قَالَ لَهُمْ : قَدْ صَدَقَ ، قَدْ وَجَدْتُهُ وَفِيًّا كَرِيمَ الْجِوَارِ ، وَلَكِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَسْتَجِيرَ بِغَيْرِ اللَّهِ ، فَقَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ جِوَارَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ عُثْمَانُ ، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِلَابٍ الْقَيْسِيُّ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ قُرَيْشٍ يُنْشِدُهُمْ ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ عُثْمَانُ ، فَقَالَ لَبِيدٌ وَهُوَ يُنْشِدُهُمْ : أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ فَقَالَ : عُثْمَانُ : صَدَقْتَ ، فَقَالَ : وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ فَقَالَ : عُثْمَانُ : كَذَبْتَ نَعِيمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَزُولُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا كَانَ يُؤْذَى جَلِيسُكُمْ ، فَمَتَى حَدَثَ فِيكُمْ هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : إِنَّ هَذَا سَفِيهٌ فِي سُفَهَاءٍ مَعَهُ قَدْ فَارَقُوا دِينَنَا ، فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ مِنْ قَوْلِهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عُثْمَانُ حَتَّى سَرَى - أَيْ عَظُمَ - أَمْرُهُمَا ، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَطَمَ عَيْنَهُ فَخَضَرَهَا ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ يَرَى مَا بَلَغَ مِنْ عُثْمَانَ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ عَمَّا أَصَابَهَا لَغَنِيَّةً ، لَقَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : بَلَى وَاللَّهِ إِنَّ عَيْنِي الصَّحِيحَةَ لَفَقِيرَةٌ إِلَى مَا أَصَابَ أُخْتَهَا فِي اللَّهِ ، وَإِنِّي لَفِي جِوَارِ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْكَ وَأَقْدَرُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ عَيْنِهِ : فَإنْ تَكُ عَيْنِي فِي رِضَا الرَّبِّ نَالَهَا يَدَا مُلْحِدٍ فِي الدِّينِ لَيْسَ بِمُهْتَدِ فَقَدْ عَوَّضَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا ثَوَابَهُ وَمَنْ يَرْضَهُ الرَّحْمَنُ يَا قَوْمُ يَسْعَدِ فَإِنِّي وَإِنْ قُلْتُمْ غَوِيٌّ مُضَلَّلٌ سَفِيهٌ عَلَى دِينِ الرَّسُولِ مُحَمَّدِ أُرِيدُ بِذَاكَ اللَّهَ وَالْحَقُّ دِينُنَا عَلَى رَغْمِ مَنْ يَبْغِي عَلَيْنَا وَيَعْتَدِي وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ عَيْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَمِنْ تَذَكُّرِ دَهْرٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ أَصْبَحْتَ مُكْتَئِبًا تَبْكِي كَمَحْزُونِ أَمِنْ تَذَكُّرِ أَقْوَامٍ ذَوِي سَفَهٍ يَغْشَوْنَ بِالظُّلْمِ مَنْ يَدْعُو إِلَى الدِّينِ لَا يَنْتَهُونَ عَنِ الْفَحْشَاءِ مَا سَلِمُوا وَالْغَدْرُ فِيهِمْ سَبِيلٌ غَيْرُ مَأْمُونِ أَلَا تَرَوْنَ أَقَلَّ اللَّهُ خَيْرَهُمُ أَنَّا غَضِبْنَا لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونِ إِذْ يَلْطُمُونَ وَلَا يَخْشَوْنَ مُقْلَتَهُ طَعْنًا دَرَاكًا وَضَرْبًا غَيْرَ مَأْفُونِ فَسَوْفَ يَجْزِيهِمُ إِنْ لَمْ يَمُتْ عَجِلًا كَيْلًا بِكَيْلٍ جَزَاءً غَيْرَ مَغْبُونِ