بَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ رَجُلًا قَدْ ظَهَرَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ وَقَدْ أَغْوَى خَلْقًا كَثِيرًا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ فَأَحْضَرَهُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ ؟ قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلْقِ الشَّرِّ قَالَ : بِذَلِكَ أَقُولُ ، فَأَحْضِرْ مَنْ شِئْتَ يُحَاجِّنِي فِيهِ ، فَإِنْ غَلَبْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ عَلِمْتَ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ ، وَإِنْ هُوَ غَلَبَنِي بِالْحُجَّةِ فَاضْرِبْ عُنُقِي ، قَالَ : فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ فَأَحْضَرَهُ لِمُنَاظَرَتِهِ فَقَالَ لَهُ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ عَنْ وَاحِدَةٍ ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ ثَلَاثٍ ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ أَرْبَعٍ ؟ فَقَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى ؟ قَالَ : لَيْسَ عِنْدِي فِي هَذَا شَيْءٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : أَخْبِرْنِي هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ ؟ قَالَ : هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ اثْنَتَانِ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ ؟ قَالَ : هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ ثَلَاثٌ ، قَدْ حَلَّ بِهَا ضَرْبُ عُنُقِهِ ، فَأَمَرَ بِهِ هِشَامٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَوْزَاعِيِّ : يَا أَبَا عَمْرٍو فَسِّرْ لَنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ ، فَقَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، سَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى ؟ نَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ فَأَكَلَهَا ، وَسَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ ؟ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ثُمَّ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ ، وَسَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ ؟ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ثُمَّ أَعَانَنَا عَلَى أَكْلِهِ فِي وَقْتِ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ ، قَالَ هِشَامٌ : وَالرَّابِعَةُ مَا هِيَ يَا أَبَا عَمْرٍو ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُولُ : مَشِيئَتُكَ مَعَ اللَّهِ أَمْ دُونَ اللَّهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : مَعَ اللَّهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكًا ، أَوْ قَالَ : دُونَ اللَّهِ فَقَدِ انْفَرَدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، فَأَيُّهُمَا أَجَابَنِي فَقَدَ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهَا ، قَالَ هِشَامٌ : حَيَاةُ الْخَلْقِ وَقَوَامُ الدِّينِ بِالْعُلَمَاءِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْأَزَجِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيُّ إِجَازَةً ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ الْكَاتِبُ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ رَجُلًا قَدْ ظَهَرَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ وَقَدْ أَغْوَى خَلْقًا كَثِيرًا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ فَأَحْضَرَهُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ ؟ قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلْقِ الشَّرِّ قَالَ : بِذَلِكَ أَقُولُ ، فَأَحْضِرْ مَنْ شِئْتَ يُحَاجِّنِي فِيهِ ، فَإِنْ غَلَبْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ عَلِمْتَ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ ، وَإِنْ هُوَ غَلَبَنِي بِالْحُجَّةِ فَاضْرِبْ عُنُقِي ، قَالَ : فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ فَأَحْضَرَهُ لِمُنَاظَرَتِهِ فَقَالَ لَهُ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ عَنْ وَاحِدَةٍ ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ ثَلَاثٍ ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ أَرْبَعٍ ؟ فَقَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى ؟ قَالَ : لَيْسَ عِنْدِي فِي هَذَا شَيْءٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : أَخْبِرْنِي هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ ؟ قَالَ : هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ اثْنَتَانِ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ ؟ قَالَ : هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ ثَلَاثٌ ، قَدْ حَلَّ بِهَا ضَرْبُ عُنُقِهِ ، فَأَمَرَ بِهِ هِشَامٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَوْزَاعِيِّ : يَا أَبَا عَمْرٍو فَسِّرْ لَنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ ، فَقَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، سَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى ؟ نَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ فَأَكَلَهَا ، وَسَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ ؟ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ثُمَّ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ ، وَسَأَلْتُهُ : هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ ؟ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ثُمَّ أَعَانَنَا عَلَى أَكْلِهِ فِي وَقْتِ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ ، قَالَ هِشَامٌ : وَالرَّابِعَةُ مَا هِيَ يَا أَبَا عَمْرٍو ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُولُ : مَشِيئَتُكَ مَعَ اللَّهِ أَمْ دُونَ اللَّهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : مَعَ اللَّهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكًا ، أَوْ قَالَ : دُونَ اللَّهِ فَقَدِ انْفَرَدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، فَأَيُّهُمَا أَجَابَنِي فَقَدَ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهَا ، قَالَ هِشَامٌ : حَيَاةُ الْخَلْقِ وَقَوَامُ الدِّينِ بِالْعُلَمَاءِ