حَدَّثَنِي أَبُو ذَرٍّ قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا دَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامَ إِنَّا كُنَّا قَوْمًا غُرَبَاءَ فَأَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَحْمَلْتُ أُمِّي وَأَخِي ، وَكَانَ اسْمُهُ أُنَيْسًا إِلَى أَصْهَارٍ لَنَا بِأَعْلَى نَجْدٍ ، فَلَمَّا حَلَلْنَا بِهِمْ أَكْرَمُونَا ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ مَشَى إِلَى خَالِي ، فَقَالَ : تَعْلَمُ أَنَّ أُنَيْسًا يُخَالِفُكَ إِلَى أَهْلِكَ ، قَالَ : فَخَفِقَ فِي قَلْبِهِ ، فَانْصَرَفْتُ فِي رَعِيَّةِ إِبِلِي ، فَوَجَدْتُهُ كَئِيبًا حَزِينًا يَبْكِي ، فَقُلْتُ : مَا أَبْكَاكَ يَا خَالُ ؟ فَأَعْلَمَنِي الْخَبَرَ ، فَقُلْتُ : حَجَزَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّا نَخَافُ الْفَاحِشَةَ ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ قَدْ أَخَلَّ بِنَا ، وَلَقَدْ كَدَّرْتَ عَلَيْنَا صَفْوَ مَا ابْتَدَأْتَنَا بِهِ ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى اجْتِمَاعٍ ، فَاحْتَمَلْتُ أُمِّي وَأَخِي حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ ، فَقَالَ أَخِي : إِنِّي رَجُلٌ مُدَافِعٌ عَلَى الْمَاءِ بِشِعْرٍ ، وَكَانَ رَجُلًا شَاعِرًا ، فَقُلْتُ : لَا تَفْعَلْ ، فَخَرَجَ بِهِ اللَّجَاجُ حَتَّى دَافَعَ جُرَيْجَ بْنَ الصِّمَّةِ إِلَى صِرْمَتِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ لَجُرَيْجٌ يَوْمَئِذٍ أَشْعَرُ مِنْ أَخِي ، فَتَقَاضَيَا إِلَى خِبَاءَ فَفَضَّلَتْ أَخِي عَلَى جُرَيْجٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ جُرَيْجًا خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا ، فَقَالَتْ : شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، فَحَقَدَتْ عَلَيْهِ ، فَضَمَمْنَا صِرْمَتَهُ إِلَى صِرْمَتِنَا ، فَكَانَتْ لَنَا هَجْمَةٌ ، قَالَ : ثُمَّ أَتَيْتُ مَكَّةَ فَابْتَدَأْتُ بِالصَّفَا ، فَإِذَا عَلَيْهَا رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بِهَا صَابِئًا ، أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ شَاعِرًا ، أَوْ سَاحِرًا فَقُلْتُ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَهُ ؟ فَقَالُوا : هَا هُوَ ذَاكَ حَيْثُ تَرَى ، فَانْقَلَبْتُ إِلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا جُزْتُ عَنْهُمْ قِيدَ حَجَرٍ حَتَّى أَكَبُّوا عَلَيَّ كُلَّ عَظْمٍ وَحَجَرٍ وَمَدَرٍ فَضَرَّجُونِي بِدَمِي ، وَأَتَيْتُ الْبَيْتَ فَدَخَلْتُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءِ وَصُمْتُ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ إِلَّا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ إِضْحِيَانٌ ، أَقْبَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ خُزَاعَةَ طَافَتَا بِالْبَيْتِ ثُمَّ ذَكَرَتَا إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، وَهُمَا وَثَنَانِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمَا ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي مِنْ تَحْتِ السُّتُورِ ، فَقُلْتُ : احْمِلَا أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَغَضِبَتَا ثُمَّ قَالَتَا : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ رِجَالُنَا حُضُورًا مَا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا ، ثُمَّ وَلَّتَا ، فَخَرَجْتُ أَقْفُو آثَارَهُمَا حَتَّى لَقِيَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " مَا أَنْتُمَا ، وَمِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمَا ؟ وَمَا جَاءَ بِكُمَا ؟ " فَأَخْبَرَتَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : " أَيْنَ تَرَكْتُمَا الصَّابِئَ ؟ " فَقَالَتَا : تَرَكْنَاهُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءِ ، فَقَالَ لَهُمَا : " هَلْ قَالَ لَكُمَا شَيْئًا ؟ " قَالَتَا : نَعَمْ ، وَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : " مَنْ أَنْتَ ؟ وَمِمَّنْ أَنْتَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ ؟ وَمَا جَاءَ بِكَ ؟ " فَأَنْشَأْتُ أُعْلِمُهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : " مِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ وَتُشْرَبُ ؟ " فَقُلْتُ : مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، فَقَالَ : " أَمَا إِنَّهُ لَطَعَامُ طُعْمٍ " وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي أَنْ أُعَشِّيَهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي ، وَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِي حَتَّى وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَابِ أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَهُ ، ثُمَّ أَتَى بِزَبِيبٍ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَجَعَلَ يُلْقِيهِ لَنَا ، قَبْضًا قَبْضًا ، وَنَحْنُ نَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى تَمْلَأَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ " فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ ، فَقَالَ لِي : " إِنَّهُ قَدْ رُفِعَتْ لِي أَرْضٌ ، وَهِيَ ذَاتُ مَالٍ ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا تِهَامَةَ ، فَاخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ إِلَى مَا دَخَلْتَ فِيهِ " ، قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أُمِّي وَأَخِي فَأَعْلَمْتُهُمُ الْخَبَرَ ، فَقَالَا : مَا لَنَا رَغْبَةٌ عَنِ الدِّينِ الَّذِي دَخَلْتَ فِيهِ فَأَسْلَمَا ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَأَعْلَمْتُ قَوْمِي فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ صَدَقْنَاكَ ، وَلَعَلَّنَا نَلْقَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِينَاهُ ، فَقَالَتْ لَهُ غِفَارٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا ذَرٍّ أَعْلَمَنَا مَا أَعْلَمْتَهُ ، وَقَدْ أَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ تَقَدَّمَتْ أَسْلَمُ ، وَخُزَاعَةُ ، فَقَالَتَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا ، وَدَخَلْنَا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ إِخْوَانُنَا وَحُلَفَاؤُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ، وَغِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا " ثُمَّ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِي ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : هَلْ كُنْتَ تَأْلَهُ فِي جَاهِلِيَّتِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقُومُ عِنْدَ الشَّمْسِ ، فَلَا أَزَالُ مُصَلِّيًا حَتَّى يُؤْذِيَنِي حَرُّهَا فَأَخَرُّ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، فَقَالَ لِي : فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي إِلَّا حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ ، بِدِمَشْقَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثَنَا أَبُو طَرَفَةَ عَبَّادُ بْنُ الرَّيَّانِ اللَّخْمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيَّ الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ لُدَيْنٍ الْأَشْعَرِيِّ ، وَكَانَ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا لَيْلَى الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو ذَرٍّ قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا دَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامَ إِنَّا كُنَّا قَوْمًا غُرَبَاءَ فَأَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَحْمَلْتُ أُمِّي وَأَخِي ، وَكَانَ اسْمُهُ أُنَيْسًا إِلَى أَصْهَارٍ لَنَا بِأَعْلَى نَجْدٍ ، فَلَمَّا حَلَلْنَا بِهِمْ أَكْرَمُونَا ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ مَشَى إِلَى خَالِي ، فَقَالَ : تَعْلَمُ أَنَّ أُنَيْسًا يُخَالِفُكَ إِلَى أَهْلِكَ ، قَالَ : فَخَفِقَ فِي قَلْبِهِ ، فَانْصَرَفْتُ فِي رَعِيَّةِ إِبِلِي ، فَوَجَدْتُهُ كَئِيبًا حَزِينًا يَبْكِي ، فَقُلْتُ : مَا أَبْكَاكَ يَا خَالُ ؟ فَأَعْلَمَنِي الْخَبَرَ ، فَقُلْتُ : حَجَزَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّا نَخَافُ الْفَاحِشَةَ ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ قَدْ أَخَلَّ بِنَا ، وَلَقَدْ كَدَّرْتَ عَلَيْنَا صَفْوَ مَا ابْتَدَأْتَنَا بِهِ ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى اجْتِمَاعٍ ، فَاحْتَمَلْتُ أُمِّي وَأَخِي حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ ، فَقَالَ أَخِي : إِنِّي رَجُلٌ مُدَافِعٌ عَلَى الْمَاءِ بِشِعْرٍ ، وَكَانَ رَجُلًا شَاعِرًا ، فَقُلْتُ : لَا تَفْعَلْ ، فَخَرَجَ بِهِ اللَّجَاجُ حَتَّى دَافَعَ جُرَيْجَ بْنَ الصِّمَّةِ إِلَى صِرْمَتِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ لَجُرَيْجٌ يَوْمَئِذٍ أَشْعَرُ مِنْ أَخِي ، فَتَقَاضَيَا إِلَى خِبَاءَ فَفَضَّلَتْ أَخِي عَلَى جُرَيْجٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ جُرَيْجًا خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا ، فَقَالَتْ : شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، فَحَقَدَتْ عَلَيْهِ ، فَضَمَمْنَا صِرْمَتَهُ إِلَى صِرْمَتِنَا ، فَكَانَتْ لَنَا هَجْمَةٌ ، قَالَ : ثُمَّ أَتَيْتُ مَكَّةَ فَابْتَدَأْتُ بِالصَّفَا ، فَإِذَا عَلَيْهَا رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بِهَا صَابِئًا ، أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ شَاعِرًا ، أَوْ سَاحِرًا فَقُلْتُ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَهُ ؟ فَقَالُوا : هَا هُوَ ذَاكَ حَيْثُ تَرَى ، فَانْقَلَبْتُ إِلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا جُزْتُ عَنْهُمْ قِيدَ حَجَرٍ حَتَّى أَكَبُّوا عَلَيَّ كُلَّ عَظْمٍ وَحَجَرٍ وَمَدَرٍ فَضَرَّجُونِي بِدَمِي ، وَأَتَيْتُ الْبَيْتَ فَدَخَلْتُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءِ وَصُمْتُ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ إِلَّا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ إِضْحِيَانٌ ، أَقْبَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ خُزَاعَةَ طَافَتَا بِالْبَيْتِ ثُمَّ ذَكَرَتَا إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، وَهُمَا وَثَنَانِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمَا ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي مِنْ تَحْتِ السُّتُورِ ، فَقُلْتُ : احْمِلَا أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَغَضِبَتَا ثُمَّ قَالَتَا : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ رِجَالُنَا حُضُورًا مَا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا ، ثُمَّ وَلَّتَا ، فَخَرَجْتُ أَقْفُو آثَارَهُمَا حَتَّى لَقِيَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا أَنْتُمَا ، وَمِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمَا ؟ وَمَا جَاءَ بِكُمَا ؟ فَأَخْبَرَتَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : أَيْنَ تَرَكْتُمَا الصَّابِئَ ؟ فَقَالَتَا : تَرَكْنَاهُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءِ ، فَقَالَ لَهُمَا : هَلْ قَالَ لَكُمَا شَيْئًا ؟ قَالَتَا : نَعَمْ ، وَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ وَمِمَّنْ أَنْتَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ ؟ وَمَا جَاءَ بِكَ ؟ فَأَنْشَأْتُ أُعْلِمُهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ وَتُشْرَبُ ؟ فَقُلْتُ : مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَطَعَامُ طُعْمٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي أَنْ أُعَشِّيَهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَمْشِي ، وَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِي حَتَّى وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَابِ أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَهُ ، ثُمَّ أَتَى بِزَبِيبٍ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَجَعَلَ يُلْقِيهِ لَنَا ، قَبْضًا قَبْضًا ، وَنَحْنُ نَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى تَمْلَأَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ ، فَقَالَ لِي : إِنَّهُ قَدْ رُفِعَتْ لِي أَرْضٌ ، وَهِيَ ذَاتُ مَالٍ ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا تِهَامَةَ ، فَاخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ إِلَى مَا دَخَلْتَ فِيهِ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أُمِّي وَأَخِي فَأَعْلَمْتُهُمُ الْخَبَرَ ، فَقَالَا : مَا لَنَا رَغْبَةٌ عَنِ الدِّينِ الَّذِي دَخَلْتَ فِيهِ فَأَسْلَمَا ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَأَعْلَمْتُ قَوْمِي فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ صَدَقْنَاكَ ، وَلَعَلَّنَا نَلْقَى مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَقِينَاهُ ، فَقَالَتْ لَهُ غِفَارٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا ذَرٍّ أَعْلَمَنَا مَا أَعْلَمْتَهُ ، وَقَدْ أَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ تَقَدَّمَتْ أَسْلَمُ ، وَخُزَاعَةُ ، فَقَالَتَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا ، وَدَخَلْنَا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ إِخْوَانُنَا وَحُلَفَاؤُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ، وَغِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ثُمَّ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِي ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : هَلْ كُنْتَ تَأْلَهُ فِي جَاهِلِيَّتِكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقُومُ عِنْدَ الشَّمْسِ ، فَلَا أَزَالُ مُصَلِّيًا حَتَّى يُؤْذِيَنِي حَرُّهَا فَأَخَرُّ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، فَقَالَ لِي : فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي إِلَّا حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ