حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ ، قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآنِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْعَرَبِ " قَالَ : فَلَمَّا نَزَلْنَا أَتَيْتُهُ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ ، قَالَ : قُلْتٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَالُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ ضَيْفٍ ضَافَنِي وَعِيَالٍ كَثُرُوا ، قَالَ : " نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ ، وَالْأَكْثَرُ السِّتُّونَ ، وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِائَتَيْنِ إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا ، وَأَفْقَرَ ظَهْرًا وَنَحَرَ سَمِينَهَا فَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ " قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ وَأَحْسَنَهَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَحِلُّ بِالْوَادِي الَّذِي أَكُونُ فِيهِ لِكَثْرَةِ إِبِلِي ، قَالَ : " فَكَيْفَ تَصْنَعُ ؟ " قُلْتُ : تَغْدُو الْإِبِلُ وَيَغْدُو النَّاسُ ، فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ فَذَهَبَ بِهِ ، فَقَالَ : " مَا تَصْنَعُ بِإِفْقَارِ الظَّهْرِ ؟ " قُلْتُ : إِنِّي لَا أُفْقِرُ الصَّغِيرَ وَلَا النَّابَ المُدْبِرَةَ قَالَ : " فَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوَالِيكَ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : مَالِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ ، قَالَ : " فَإِنَّ لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَو أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَإِلَّا فَلُمُّوا إِلَيْكَ " فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيَتُ لَأَفْنِيَنَّ عَدَدَهَا ، قَالَ الْحَسَنُ : فَفَعَلَ وَاللَّهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ قَيْسًا الْوَفَاةُ قَالَ : يَا بَنِيَّ خُذُوا عَنِّي ، لَا أَجِدُ أَنْصَحَ لَكُمْ مِنِّي : إِذَا أَنَا مُتُّ فَسَوِّدُوا كِبَارَكُمْ ، وَلَا تُسَوِّدُوا صِغَارَكُمْ فَيَسْتَسْفِهَكُمُ النَّاسُ فَيَهُونُوا عَلَيْكُمْ ، وَعَلَيْكُمْ بِاسْتِصْلَاحِ الْمَالِ ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةُ الْكَرِيمِ وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ ، إِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا تَرَكَ كَسْبَهُ ، وَإِذَا مُتُّ فَلَا تَنُوحُوا عَلَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَنْهَى عَنِ النِّيَاحَةِ " وَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا وَأَصُومُ ، وَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَلَا تَدْفِنُونِي فِي مَوْضِعٍ يَطَّلِعُ عَلَيَّ أَحَدٌ ، فَإِنَّهٌ قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ خَمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ يَنْبُشُونِي فَيَصْنَعُونَ فِي ذَلِكَ مَا يَذْهَبُ فِيهِ دِينُكُمْ وَدُنْيَاكُمْ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ كَامِلٍ السَّرَّاجُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُذُوعِيُّ الْقَاضِي ، قَالَا : ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، قَالَا : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، ثَنَا زِيَادٌ الجَصَّاصُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ ، قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمَّا رَآنِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْعَرَبِ قَالَ : فَلَمَّا نَزَلْنَا أَتَيْتُهُ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ ، قَالَ : قُلْتٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَالُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ ضَيْفٍ ضَافَنِي وَعِيَالٍ كَثُرُوا ، قَالَ : نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ ، وَالْأَكْثَرُ السِّتُّونَ ، وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِائَتَيْنِ إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا ، وَأَفْقَرَ ظَهْرًا وَنَحَرَ سَمِينَهَا فَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ وَأَحْسَنَهَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَحِلُّ بِالْوَادِي الَّذِي أَكُونُ فِيهِ لِكَثْرَةِ إِبِلِي ، قَالَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قُلْتُ : تَغْدُو الْإِبِلُ وَيَغْدُو النَّاسُ ، فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ فَذَهَبَ بِهِ ، فَقَالَ : مَا تَصْنَعُ بِإِفْقَارِ الظَّهْرِ ؟ قُلْتُ : إِنِّي لَا أُفْقِرُ الصَّغِيرَ وَلَا النَّابَ المُدْبِرَةَ قَالَ : فَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوَالِيكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : مَالِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ ، قَالَ : فَإِنَّ لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَو أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَإِلَّا فَلُمُّوا إِلَيْكَ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيَتُ لَأَفْنِيَنَّ عَدَدَهَا ، قَالَ الْحَسَنُ : فَفَعَلَ وَاللَّهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ قَيْسًا الْوَفَاةُ قَالَ : يَا بَنِيَّ خُذُوا عَنِّي ، لَا أَجِدُ أَنْصَحَ لَكُمْ مِنِّي : إِذَا أَنَا مُتُّ فَسَوِّدُوا كِبَارَكُمْ ، وَلَا تُسَوِّدُوا صِغَارَكُمْ فَيَسْتَسْفِهَكُمُ النَّاسُ فَيَهُونُوا عَلَيْكُمْ ، وَعَلَيْكُمْ بِاسْتِصْلَاحِ الْمَالِ ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةُ الْكَرِيمِ وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ ، إِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا تَرَكَ كَسْبَهُ ، وَإِذَا مُتُّ فَلَا تَنُوحُوا عَلَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النِّيَاحَةِ وَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا وَأَصُومُ ، وَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَلَا تَدْفِنُونِي فِي مَوْضِعٍ يَطَّلِعُ عَلَيَّ أَحَدٌ ، فَإِنَّهٌ قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ خَمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ يَنْبُشُونِي فَيَصْنَعُونَ فِي ذَلِكَ مَا يَذْهَبُ فِيهِ دِينُكُمْ وَدُنْيَاكُمْ قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ : نَصَحَ لَهُمْ فِي الْحَيَاةِ ، وَنَصَحَ لَهُمْ فِي الْمَمَاتِ