أَنَّ سَلْمَانَ الْخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ جَيٍّ ، مَدِينَةِ أَصْبَهَانَ ، فَبَيْنَا أَنَا إِذْ أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِي مِنْ حَقِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُ النَّاسَ يَتَحَرَّجُ ، فَسَأَلْتُهُ : أَيُّ الدِّينِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ ؟ أَتُرِيدُ دِينًا غَيْرَ دِينِ أَبِيكَ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَيُّ دِينٍ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى هَذَا غَيْرَ رَاهِبٍ بِالْمَوْصِلِ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ وَكُنْتُ عِنْدَهُ ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أُقْتِرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا ، فَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، فَكُنْتُ أَعْبُدُ كَعِبَادَتِهِ ، فَلَبِثْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَقُلْتُ : إِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ فَقَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ ، فَعَلَيْكَ بِرَاهِبٍ وَرَاءَ الْجَزِيرَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، قَالَ : فَجِئْتُهُ وَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ ، فَمَكَثْتُ أَيْضًا عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَقُلْتُ : إِلَى مَنْ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ غَيْرَ رَاهِبٍ بِعَمُّورِيَّةَ شَيْخٍ كَبِيرٍ ، وَمَا أَرَى تَلْحَقُهُ أَمْ لَا ، فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ ، وَكُنْتُ عِنْدَهَ ، فَإِذَا رَجُلٌ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ : أَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ ، لَكِنْ إِنْ أَدْرَكْتَ زَمَانًا يُسْمَعُ بِرَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ ، وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُدْرِكَهُ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُ عَلَى الدِّينِ ، وأَمَارَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْمَهُ يَقُولُونَ : سَاحِرٌ مَجْنُونٌ كَاهِنٌ ، وَأَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، وَأَنَّ عِنْدَ غُرْضُوفِ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ حَتَّى أَتَتْ عِيرٌ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَنَحْنُ قَوْمٌ تُجَّارٌ نَعِيشُ بِتِجارَتِنَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا ، وَقَوْمُهُ يُقَاتِلُونَهُ ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَحُولَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِجَارَتِنَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَا يَقُولُونَ فِيهِ ؟ قَالُوا : يَقُولُونَ سَاحِرٌ ، مَجْنُونٌ ، كَاهِنٌ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ الْأَمَارَةُ ، دُلُّونِي عَلَى صَاحِبِكُمْ ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : تَحْمِلُنِي إِلَى الْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : مَا تُعْطِينِي ؟ قُلْتُ : مَا أَجِدُ شَيْئًا أُعْطِيكَ ، غَيْرَ أَنِّي لَكَ عَبْدٌ ، فَحَمَلَنِي ، فَلَمَّا قَدِمْتُ جَعَلَنِي فِي نَخْلِهِ ، فَكُنْتُ أَسْقِي كَمَا يَسْقِي الْبَعِيرُ حَتَّى دَبُرَ ظَهْرِي وَصَدْرِي مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا أَجِدُ أَحَدًا يَفْقَهُ كَلَامِي ، حَتَّى جَاءَتْ عَجُوزٌ فَارِسِيَّةٌ تَسْقِي ، فَكَلَّمْتُهَا فَفَهِمَتْ كَلَامِي ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ دُلَّنِي عَلَيْهِ ؟ قَالَتْ : سَيَمُرُّ عَلَيْكَ بُكْرَةً إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَخَرَجْتُ فَجَمَعْتُ تَمْرًا ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ فَقَرَّبَتُ إِلَيْهِ التَّمْرَ ، فَقَالَ : " مَا هَذَا ، صَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ ؟ " فَأَشَرْتُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ ، قَالَ : " انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلَاءِ " وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ ، فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ الْإِمَارَةُ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ بِتَمْرٍ ، فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟ " فَقُلْتُ : هَذِهِ هَدِيَّةٌ ، فَأَكَلَ وَدَعَا أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا ، ثُمَّ رَآنِي أَتَعَرَّضُ لَأَنْظُرَ إِلَى الْخَاتَمِ ، فَعَرَفَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ ، فَأَخَذْتُ أُقَلِّبُهُ وَأَلْتَزِمُهُ ، فَقَالَ : " مَا شَأْنُكَ ؟ " ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ : " اشْتَرَطْتَ لَهُمْ أَنَّكَ عَبْدٌ ، اشْتَرِ نَفْسَكَ مِنْهُمْ " ، فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجِيءَ لَهُمْ بِمائَةِ نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اغْرِسْ " فَغَرَسَ ، ثُمَّ انْطَلِقْ فَأَلْقِ الدَّلْوَ عَلَى الْبِئْرِ ، ثُمَّ لَا تَرْفَعْهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ ، فَإِنَّهُ إِذَا امْتَلَأَ ارْتَفَعَ ، ثُمَّ رُشَّ فِي أُصُولِهَا ، فَفَعَلَ فَنَبَتَ النَّخْلُ أَسْرَعَ النَّبَاتِ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ ، إِنَّ لِهَذَا الْعَبْدِ شَأْنًا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْرًا ، فَإِذَا فِيهِ أَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً
حَدَّثَنَا أَبُو حَبِيبٍ يَحْيَى بْنُ نَافِعٍ الْمِصْرِيُّ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، ثنا السَّلْمُ بْنُ الصَّلْتِ الْعَبْدِيُّ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ الْبَكْرِيِّ ، أَنَّ سَلْمَانَ الْخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ جَيٍّ ، مَدِينَةِ أَصْبَهَانَ ، فَبَيْنَا أَنَا إِذْ أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِي مِنْ حَقِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُ النَّاسَ يَتَحَرَّجُ ، فَسَأَلْتُهُ : أَيُّ الدِّينِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ ؟ أَتُرِيدُ دِينًا غَيْرَ دِينِ أَبِيكَ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَيُّ دِينٍ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى هَذَا غَيْرَ رَاهِبٍ بِالْمَوْصِلِ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ وَكُنْتُ عِنْدَهُ ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أُقْتِرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا ، فَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، فَكُنْتُ أَعْبُدُ كَعِبَادَتِهِ ، فَلَبِثْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَقُلْتُ : إِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ فَقَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ ، فَعَلَيْكَ بِرَاهِبٍ وَرَاءَ الْجَزِيرَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، قَالَ : فَجِئْتُهُ وَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ ، فَمَكَثْتُ أَيْضًا عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَقُلْتُ : إِلَى مَنْ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ غَيْرَ رَاهِبٍ بِعَمُّورِيَّةَ شَيْخٍ كَبِيرٍ ، وَمَا أَرَى تَلْحَقُهُ أَمْ لَا ، فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ ، وَكُنْتُ عِنْدَهَ ، فَإِذَا رَجُلٌ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ : أَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ ؟ قَالَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ ، لَكِنْ إِنْ أَدْرَكْتَ زَمَانًا يُسْمَعُ بِرَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ ، وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُدْرِكَهُ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُ عَلَى الدِّينِ ، وأَمَارَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْمَهُ يَقُولُونَ : سَاحِرٌ مَجْنُونٌ كَاهِنٌ ، وَأَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، وَأَنَّ عِنْدَ غُرْضُوفِ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ حَتَّى أَتَتْ عِيرٌ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَنَحْنُ قَوْمٌ تُجَّارٌ نَعِيشُ بِتِجارَتِنَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا ، وَقَوْمُهُ يُقَاتِلُونَهُ ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَحُولَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِجَارَتِنَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَا يَقُولُونَ فِيهِ ؟ قَالُوا : يَقُولُونَ سَاحِرٌ ، مَجْنُونٌ ، كَاهِنٌ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ الْأَمَارَةُ ، دُلُّونِي عَلَى صَاحِبِكُمْ ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : تَحْمِلُنِي إِلَى الْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : مَا تُعْطِينِي ؟ قُلْتُ : مَا أَجِدُ شَيْئًا أُعْطِيكَ ، غَيْرَ أَنِّي لَكَ عَبْدٌ ، فَحَمَلَنِي ، فَلَمَّا قَدِمْتُ جَعَلَنِي فِي نَخْلِهِ ، فَكُنْتُ أَسْقِي كَمَا يَسْقِي الْبَعِيرُ حَتَّى دَبُرَ ظَهْرِي وَصَدْرِي مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا أَجِدُ أَحَدًا يَفْقَهُ كَلَامِي ، حَتَّى جَاءَتْ عَجُوزٌ فَارِسِيَّةٌ تَسْقِي ، فَكَلَّمْتُهَا فَفَهِمَتْ كَلَامِي ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ دُلَّنِي عَلَيْهِ ؟ قَالَتْ : سَيَمُرُّ عَلَيْكَ بُكْرَةً إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَخَرَجْتُ فَجَمَعْتُ تَمْرًا ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ فَقَرَّبَتُ إِلَيْهِ التَّمْرَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ، صَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ ؟ فَأَشَرْتُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ ، قَالَ : انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلَاءِ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ ، فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ الْإِمَارَةُ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ بِتَمْرٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقُلْتُ : هَذِهِ هَدِيَّةٌ ، فَأَكَلَ وَدَعَا أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا ، ثُمَّ رَآنِي أَتَعَرَّضُ لَأَنْظُرَ إِلَى الْخَاتَمِ ، فَعَرَفَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ ، فَأَخَذْتُ أُقَلِّبُهُ وَأَلْتَزِمُهُ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ : اشْتَرَطْتَ لَهُمْ أَنَّكَ عَبْدٌ ، اشْتَرِ نَفْسَكَ مِنْهُمْ ، فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَجِيءَ لَهُمْ بِمائَةِ نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اغْرِسْ فَغَرَسَ ، ثُمَّ انْطَلِقْ فَأَلْقِ الدَّلْوَ عَلَى الْبِئْرِ ، ثُمَّ لَا تَرْفَعْهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ ، فَإِنَّهُ إِذَا امْتَلَأَ ارْتَفَعَ ، ثُمَّ رُشَّ فِي أُصُولِهَا ، فَفَعَلَ فَنَبَتَ النَّخْلُ أَسْرَعَ النَّبَاتِ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ ، إِنَّ لِهَذَا الْعَبْدِ شَأْنًا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تِبْرًا ، فَإِذَا فِيهِ أَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً