عَنِ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَدْعُو عَلَى أَقْوَامٍ فِي قُنُوتِهِ " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }}
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ ، بِتُسْتَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، كَانَ يَدْعُو عَلَى أَقْوَامٍ فِي قُنُوتِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }} قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَذَا الْخَبَرُ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُمْعِنِ النَّظَرَ فِي مُتُونِ الْأَخْبَارِ ، وَلَا يَفْقَهُ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ ، أَنَّ الْقُنُوتَ فِي الصَّلَوَاتِ مَنْسُوخٌ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، كَانَ يَلْعَنُ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ }} فِيهِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلسَّدَادِ ، وَهُدَاهُ لِسُلُوكِ الصَّوَابِ ، أَنَّ اللَّعْنَ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَنْسُوخٍ ، وَلَا الدُّعَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَمَا تَرَاهُمْ وَقَدْ قَدِمُوا ؟ تُبَيِّنُ لَكَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَنَّهُمْ لَوْلَا أَنَّهُمْ قَدِمُوا وَنَجَّاهُمُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ لِأَثْبَتَ الْقُنُوتَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ ، عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا : {{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }} لَيْسَ فِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ اللَّعْنَ عَلَى الْكُفَّارِ أَيْضًا مَنْسُوخٌ ، وَإِنَّمَا هَذِهِ آيَةٌ فِيهَا الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْقُنُوتَ عَلَى الْكُفَّارِ لَيْسَ مِمَّا يُغْنِيهِمْ عَمَّا قَضَى عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبُهُمْ يُرِيدُ : بِالْإِسْلَامِ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ، أَوْ بِدَوَامِهِمْ عَلَى الشِّرْكِ يُعَذِّبُهُمْ ، لَا أَنَّ الْقُنُوتَ مَنْسُوخٌ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا