عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : " كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِي الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَرَدْتُ الْحَجَّ إِنْ تَيَسَّرَ ، وَإِلَّا فَعُمْرَةً إِنْ تَيَسَّرَتْ ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ "
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَـا قَالَ : حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَـا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِي الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَرَدْتُ الْحَجَّ إِنْ تَيَسَّرَ ، وَإِلَّا فَعُمْرَةً إِنْ تَيَسَّرَتْ ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانُوا يَشْتَرِطُونَهُ أَرَادَ بِهِ الْإِخْلَاصَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ الَّذِي أَمَرَتْهُ فِيهِ عَائِشَةُ بِمَا أَمَرَتْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ ، وَفِي ذَلِكَ تَوْكِيدُ نَسْخِ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ . فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ قَوْلَهُمْ كَانَ : وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ ، لَمْ يُفَسِّرْ لَنَا فِيهِ الَّذِينَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حَرَجٌ ، وَوَجْهُهُ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ : لَا حَرَجَ ، أَيْ : لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي إِنْ لَمْ آتِ بِمَا أَحْرَمْتُ بِهِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ إِحْرَامِي بِهِ عَلَيَّ ، فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِي ، وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا دَعَتْنِي الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ ، وَمَنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ سِوَاهُمْ ، مِمَّنْ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَكَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَكَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، فِيمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ ، فَوَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا عَلَى خِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ ، فَكَانَ خِلَافُهُمْ لِذَلِكَ حُجَّةً فِي دَفْعِهِ إِجْمَاعًا ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ نَبِيِّهِ عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ