أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ " .
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ . وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَكَانَ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، كَمِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، مِمَّا يُوَافِقُهُ ، وَمِمَّا يَعُودُ مَعْنَاهُ إِلَيْهِ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ : أَوْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ ، عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ ، وَكَانَ مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ : فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيِلَهُ ، لَمْ نَجِدْ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ : لَا يَحِلُّ لِلَّذِي عَلَيْهِ الْخِيَارُ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ ، أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْخِيَارُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ بِمَعْنَى : يَسْتَقِيلَهُ فِي بَيْعِهِ بِرَدِّهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِ ، وَحِلِّهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ خِلَافَ التَّفَرُّقِ الْأَوَّلِ الْمُخْتَلَفِ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَيَكُونُ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ عَنْهُ إِنْ طَلَبَهُ ، حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ ، وَحَتَّى يَبْرَأَ إِلَيْهِ مِنْ ضَمَانِهِ إِيَّاهُ ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ تُطْلِقُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ الرَّجُلُ : مَا فَارَقْتُ فُلَانًا مُنْذُ كَذَا ، وَكَذَا مِنَ السِّنِينَ ، لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ مِنْ وُقُوعِ عَيْنَيْهِ عَلَيْهِ ، وَمِنْ قُرْبِ بَدَنِهِ مِنْ بَدَنِهِ ، وَلَكِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ بِالْمُلَازَمَةِ الْمَعْقُولَةِ مِنْ مِثْلِهِ ، وَهَذَا يَشُدُّ مَا قَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَذْهَبَانِ إِلَيْهِ ، فِيمَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ : أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ بِخِيَارِهِ فِيهِ ، إِلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ