عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ : " إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا هَذَا : فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَأَمَّا هَذَا : فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ " ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا ، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ، ثُمَّ قَالَ : " لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا "
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ : سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا هَذَا : فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَأَمَّا هَذَا : فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ ، فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا ، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ، ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ قَصَدَ فِي هَذَا إِلَى الْبَوْلِ ، دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ النَّجَاسَاتِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الْبَوْلَ لَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَبْدَانِ ، وَلَا عَلَى الثِّيَابِ مِنْهُ ، مَا يَظْهَرُ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ سِوَاهُ مِنَ الْغَائِطِ ، وَالدَّمِ ، وَالْقَيْحِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَتَحَامَاهَا النَّاسُ لِتَقَذُّرِهِمْ إِيَّاهَا ، وَالْبَوْلُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا لَوْنَ لَهُ يُتَحَامَى مِنْ أَجْلِهِ ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَيْهِ لِاسْتِخْفَافِ النَّاسِ بِهِ ، وَتَهَاوُنِهِمْ بِالتَّنْظِيفِ مِنْهُ ، مَا لَا يَتَهَاوَنُونَ بِهِ مِنَ التَّنْظِيفِ مِمَّا سِوَاهُ ، مِمَّا يَتَرَيَّبُونَ بِهِ النَّاسَ ، حَتَّى لَا يَتَحَامَوْا مَجَالِسَهُمْ ، وَلَا قُرْبَهُمْ ، فَقَصَدَ إِلَى الْبَوْلِ بِذَلِكَ دُونَ مَا سِوَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَأَمَّا أَحَدُهُمَا ، فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ الِاسْتِتَارَ هُوَ التَّوَقِّي ، وَمِنْهُ دُعَاءُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ : سَتَرَكَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَيْ : وَقَاكَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اتَّقُوا النَّارَ ، وَلَوْ بِشِقِّ التَّمْرَةِ ، أَيِ : اسْتَتَرُوا مِنَ النَّارِ ، وَلَوْ بِشِقِّ التَّمْرَةِ فَمِثْلُ ذَلِكَ : كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، أَيْ : لَا يَتَوَقَّى مِنْ بَوْلِهِ