عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خِيَارُكُمْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَأَقْرَأَهُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خِيَارُكُمْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَأَقْرَأَهُ فَتَأَمَّلْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لِنَقِفَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَحَقَّ بِهِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ، وَعَلَّمَهُ الْخِيَارَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَمْثَالِهِ ، فَوَجَدْنَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَيْرَ الْأُمَمِ ، وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ فَضَّلَ الْقَرْنَ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ مِنْهَا عَلَى بَقِيَّتِهَا ، ثُمَّ فَضَّلَ الْقَرْنَ الَّذِي يَلِيهِ عَلَى بَقِيَّتِهَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ : خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِعْلَامُ رَسُولِ اللَّهِ النَّاسَ مَا يَكُونُونَ بِهِ خِيَارَ الْقَرْنِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ ، وَإِنَّهُمُ الَّذِينَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ ، وَعَلَّمُوهُ ، وَلَمَّا كَانُوا بِذَلِكَ خِيَارًا قَدْ فَضَلُوا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ ، وَكَانُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مُتَفَاضِلِينَ ، فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ ، بِمَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي فِي كِتَابِهِ ، وَالَّتِي أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِمَّنْ لَيْسَ بَقِيَّتُهُمْ فِيهَا كَذَلِكَ ، فَيَكُونُ مَنْ ذَلِكَ فِيهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ سِوَاهُ ، مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ قَرْنِهِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ ، ثُمَّ يَكُونُونَ كَذَلِكَ كُلَّمَا تَعَالَوْا بِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي ، وَبِمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُحْمَدُونَ عَلَيْهَا ، حَتَّى يَكُونَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ ، يَفْضُلُ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ ، فَيَكُونُ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ خِيَارَ تِلْكَ الطَّبَقَةِ ، وَيَكُونُونَ كَذَلِكَ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ، حَتَّى يَتَنَاهَى ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَاهُمْ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي كُلِّهَا ، فَيَكُونُ هُوَ خَيْرَهُمْ ، وَيَكُونُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ مِنْ أُمَّةِ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي مِنْهَا كَذَلِكَ ، وَفِيمَنْ سِوَاهُ مِنَ الْقُرُونِ فِي أُمَّتِهِ قَرْنًا ، فَقَرْنًا كَذَلِكَ أَيْضًا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ