عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ "
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَا : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ , عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ قَالَ نَافِعٌ : فَقُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ : فَأَنْتَ أَمِيرُنَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ الْأَمِيرَ الَّذِي يُؤَمِّرُهُ النَّاسُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ يَبْعُدُونَ مِنْ أُمَرَائِهِمْ ، كَأُمَرَائِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي وُجُوبِ السَّمْعِ مِنْهُمْ ، وَالطَّاعَةِ لَهُ فِيمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ أُمَرَاؤُهُمْ ، إِذَا كَانُوا بِحَضْرَتِهِمْ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْإْمْرَةِ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ إِذَا حَكَّمَ الرَّجُلَانِ الْمُتَنَازِعَانِ فِي الشَّيْءِ حَكَمًا بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَنَازَعَانِ فِيهِ فَأَمْرُ ذَلِكَ الْحَكَمِ فِيمَا حَكَّمَاهُ فِيهِ ، كَالْحُكْمِ عَلَيْهِمَا فِيمَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْهِمَا الْحَكَمُ الَّذِي جَعَلَهُ إِمَامُهُمَا الَّذِي إِلَيْهِ تَوْلِيَةُ الْحُكَّامِ عَلَيْهِمَا فِيمَا يَلْزَمُهُمَا مِنَ الْحُكْمِ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدْ تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا , فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : مَا حَكَمَ بِهِ ذَلِكَ الْحَكَمُ بَيْنَ اللَّذَيْنِ حَكَّمَاهُ ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَى الْحَاكِمِ الَّذِي جَعَلَهُ الْإِمَامُ لِلنَّاسِ حَاكِمًا ، تَأَمَّلَ ذَلِكَ ، فَإِنْ وَافَقَ مَا يَرَاهُ فِيهِ ، أَمْضَاهُ ، وَإِنْ خَالَفَ مَا يَرَاهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَرَاهُ رَدَّهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْمَرْفُوعِ ذَلِكَ الْحُكْمُ إِلَيْهِ رَدُّهُ ، وَلَا إِبْطَالُهُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَارِجًا مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا ، فَيَرُدُّهُ وَيُبْطِلُهُ ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ ، وَلَا إِبْطَالُهُ ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْضِيَهُ كَمَا يُمْضِي حُكْمَ حَاكِمٍ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْحُكَّامِ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَفُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا ، وَكَانَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَأَشْبَهُهُمَا بِالْحَقِّ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيهِ لِإِجْمَاعِهِمْ ، وَمَنْ خَالَفَهُمْ عَلَى مَا يُوجِبُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ لَوْ أَرَادَا بَعْدَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْحَكَمِ مَا كَانَ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا ، رَدَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ عَنْهُمَا ، أَوْ أَرَادَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى الْحَاكِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، إِذْ كَانَ قَدْ لَزِمَهُمَا بِحُكْمِ الْحَكَمِ فِيهِ بَيْنَهُمَا بِمَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا فِيهِ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي لُزُومِهِ إِيَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى الْحَاكِمِ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْحَاكِمِ ، وَهُوَ لَازِمٌ لَهُمَا ، وَكَانَ سَبِيلُ الْحُكَّامِ فِيمَا يَتَنَاهَى إِلَيْهِمْ مِمَّا قَدْ لَزِمَ قَبْلَ ذَلِكَ شَدُّهُ لَا إِبْطَالُهُ ، وَجَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَدُّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْحَكَمِ بَيْنَ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ ، وَإِمْضَاؤُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا يُمْضِي حُكْمَ حَاكِمٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا مِنْ حُكَّامِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يُولُونَهُمُ الْأَحْكَامَ بَيْنَ النَّاسِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ