عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : " يَا مُحَمَّدُ طَلَّقْتَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً وَهِيَ صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ، وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ "
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُنَادٍ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ طَلَّقْتَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً وَهِيَ صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ، وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ هِيَ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ ، وَقَدْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيَّرَ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ ، وَهِيَ مِنْهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الدُّنْيَا ، فَشَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُنَّ ، وَاحْتَبَسَهُ عَلَيْهِنَّ ، وَاحْتَبَسَهُنَّ عَلَيْهِ ، حَتَّى جَعَلَ لَهُنَّ أَنْ يَكُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا كُنَّ فِي حَيَاتِهِ ، لِأَنَّهَنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ ، وَمُحَرَّمَاتٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ طَلَّقَهَا ، فَلَمْ يُخْرِجْهَا بِذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ الْمُسْتَحِقَّاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا اسْتَحَقَّتْهُ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا طَلَاقًا لَمْ يَقْطَعِ السَّبَبَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ، ثُمَّ كَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ مِنْهُ فِيهَا مَا كَانَ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ إِيَّاهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَإِنْ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَلَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا ، أَكَانَتْ بِذَلِكَ تَخْرُجُ مِنْ جُمْلَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، حَتَّى لَا تَكُونَ أُمًّا لَهُمْ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ؟ كَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ ، لَمَا خَرَجَتْ مِنْ جُمْلَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَكَانَتْ بَعْدَهُ أُمًّا لَهُمْ ، وَأَنَّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِمْ كَحُرْمَتِهَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا لَا يُخْرِجُهَا الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ ، لَوْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا ، وَهِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِمَّا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، كَمَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانٌ لِمَا قَدْ تَوَهَّمَهُ هَذَا الْقَائِلُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ