عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ ابْنَ ابْنِي مَاتَ ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ ؟ قَالَ : " لَكَ السُّدُسُ " فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، قَالَ : " لَكَ سُدُسٌ آخَرُ " فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : " إِنَّ السُّدُسَ الْآخَرَ طُعْمَةٌ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ ابْنَ ابْنِي مَاتَ ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ ؟ قَالَ : لَكَ السُّدُسُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، قَالَ : لَكَ سُدُسٌ آخَرُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ السُّدُسَ الْآخَرَ طُعْمَةٌ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِلْجَدِّ الَّذِي سَأَلَهُ مَا لَهُ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ ، فَقَالَ : لَكَ السُّدُسُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ بِهِ عَلَى السُّدُسِ إِلَّا وَلِبَقِيَّةِ الْمِيرَاثِ مُسْتَحِقٌّ سِوَاهُ ، إِذْ كَانَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : لَكَ سُدُسٌ آخَرُ ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ السُّدُسَ طُعْمَةٌ ، فَعَقَلْنَا أَنَّهُ لَمْ يُطْعِمْهُ إِلَّا مِمَّا لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ بِمَوْرِثِهِ لَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ مِنَ ابْنِ ابْنِهِ إِلَّا السُّدُسَ الَّذِي أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوَّلًا الْجَدَّ الَّذِي سَأَلَهُ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ مِنْ مِيرَاثِهِ أَنَّهُ مِمَّا أَطْعَمَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَدَّ السُّدُسَ الْآخَرَ مِمَّا لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا ، فَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ مَالٍ تَرَكَهُ تَارِكٌ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ بِمِيرَاثِهِ عَنْهُ ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْجَدَّ مِنْهُ مَا أَعْطَاهُ مِنْهُ طُعْمَةً لَهُ ، وَأَرْجَأَ مَا بَقِيَ مِنْهُ لِيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ ، وَقَدْ كَانَتِ الْمَوَارِيثُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا تَجْرِي عَلَى سَبِيلِ الْوَصَايَا بِهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ }} ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ لَمْ يَكُونَا مُسْتَحِقَّيْنِ مِنْ مِيرَاثِ وَلَدِهِمَا إِلَّا مَا أَوْصَى بِهِ لَهُمَا مِنْهُ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِيهِ وَصِيَّةٌ لَهُمَا فِي حُكْمِ مَالٍ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ مِمَّا يَرْجِعُ حُكْمُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَضَعُهُ فِيمَا يَرَى وَضْعَهُ فِيهِ ، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْمَوَارِيثِ الَّتِي فَرَضَهَا فِي تَرِكَاتِ الْمُتَوَفَّيْنَ ، وَلَمْ يُنْزِلْهَا جُمْلَةً ، وَإِنَّمَا أَنْزَلَ بَعْضَهَا بَعْدَ بَعْضٍ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ أَنْزَلَهُ مِنْهَا حِينَئِذٍ السُّدُسَ مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّى لِجَدِّهِ فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ السُّدُسَ إِلَى الْجَدِّ الَّذِي سَأَلَهُ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ ، وَأَطْعَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّتِهِ مَا أَطْعَمَهُ مِنْهُ ، وَبَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ لَا فَرْضَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَوَارِيثِ الَّتِي لَيْسَتْ لِوَارِثٍ بِعَيْنِهِ ، فَهَذَا أَحْسَنُ مَا وَجَدْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِيهِ ، وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ وَهُوَ :