أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ ، وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَتَاهُ بِنَاقَةٍ ، فَلَمَّا رَآهَا ، قَالَ : " يَا عِيَاضُ مَا هَذِهِ ؟ " قَالَ : أَهْدَيْتُهَا لَكَ ، قَالَ : " قُدْهَا " فَقَادَهَا ، فَقَالَ : " رُدَّهَا " فَرَدَّهَا ، قَالَ : " يَا عِيَاضُ هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ ؟ " قَالَ : لَا ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، وَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ ، وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَتَاهُ بِنَاقَةٍ ، فَلَمَّا رَآهَا ، قَالَ : يَا عِيَاضُ مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : أَهْدَيْتُهَا لَكَ ، قَالَ : قُدْهَا فَقَادَهَا ، فَقَالَ : رُدَّهَا فَرَدَّهَا ، قَالَ : يَا عِيَاضُ هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ ؟ قَالَ : لَا ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ . قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَدِيَّةَ الزَّبْدَ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : الْحِرْمِيُّ : يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ ، وَيَكُونُ الصَّدِيقَ ، يُقَالُ لَهُ : حِرْمِيٌّ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ مَا قَالَهُ فِيهَا ، وَإِعْلَامُهُ عِيَاضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَاهُ عَنْ قَبُولِهَا ، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَيْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَبِلَهُ مِنْهَا . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ قَبُولِ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ فِي حَالٍ ، وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي حَالٍ أُخْرَى ، وَكَانَ مَنْعُهُ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ إِنْزَالِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ : {{ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ }} الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَا فِي هَذَا الْبَابِ ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ ، فَجَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا صَارَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ مِنْهُ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ، فَكَانَ مَا صَارَ إِلَيْهِ مِنْ هَدَايَاهُمْ ، كَمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ سِوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ، فَقَبِلَهَا لِذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .