سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ ، وَأَبَا بَكْرَةَ يَقُولَانِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ "
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ ، وَأَبَا بَكْرَةَ يَقُولَانِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ . قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ حَدَّثَكَ رَجُلَانِ وَأَيُّ رَجُلَيْنِ ؟ قَالَ : وَمَا يَمْنَعُهُمَا مِنْ ذَلِكَ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ رَجُلٍ يَرْمِي بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَوَّلُ رَجُلٍ نَزَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُسْلِمٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَمْدِ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَرَجَ وَهُوَ عَلَى الْكُفْرِ لَمَا كَانَ عَلَى خُرُوجِهِ مَحْمُودًا ، وَلَمَا كَانَ بِهِ مَوْصُوفًا ، وَلَمَا ثَبَتَ لَهُ الْإِسْلَامُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَلُحُوقِهِ بِعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ عَلَيْهِ ، عَقَلْنَا أَنَّهُ كَانَ بِخُرُوجِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ غَانِمًا لِنَفْسِهِ عَتِيقًا عِتْقًا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ فِيهِ ، وَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ : مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِعِتَاقِهِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ يَوْمَ الطَّائِفِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنًى أَعْتَقَهُ بِخُرُوجِهِ ، لَا بِاسْتِئْنَافِ عَتَاقٍ لَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : فَهُوَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَيْسَ يُرِيدُ الْوَلَاءَ الَّذِي يُوجِبُهُ الْعَتَاقُ ، وَلَكِنَّهُ مَوْلَاهُ لِلْوَلَاءِ الَّذِي تُوجِبُهُ الْوَلَايَةُ الَّتِي مِنْهَا قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالِاهُ ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ، فَأَعْلَمَنَا بِذَلِكَ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ أَنَّهُ الْمُوَالِاةُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا مِنَ الْمُوَالِاةِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَيْهَا ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .