عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي , فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَالَ : " لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتُهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِكَ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ "
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي , فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَالَ : لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتُهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِكَ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ . فَكَانَ جَرِيرٌ ، وَابْنُ إِسْحَاقَ قَدِ اخْتَلَفَا فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ : أَحَدُهُمَا : إلَى رَحْلِكَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : إلَى بَيْتِكَ ، فَعَادَ ذَلِكَ إلَى مَعْنَى مَا رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ ، وَثَبَتَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْآثَارِ أَنْ لَا يُبَاعَ مَا ابْتِيعَ مُجَازَفَةً حَتَّى يُحَوَّلَ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتِيعَ فِيهِ إلَى مَكَانٍ سِوَاهُ . وَهَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ كَالْآدُرِ وَالْأَرْضِينَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْدَ ابْتِيَاعِهَا بِغَيْرِ قَبْضٍ لَهَا ; لِأَنَّهَا لَا يَتَهَيَّأُ فِيهَا الْمَعْنَى الَّذِي تَهَيَّأَ فِي غَيْرِهَا مِنَ النَّقْلِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ فِيمَا يُكَالُ . وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي بَيْعِ الْآدُرِ وَالْأَرْضِينَ الْمُبْتَاعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّنْ بَاعَهَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى . وَرُوِّيتُمْ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا نَهْيَهُ فِي ابْتِيَاعِ الْجُزَافِ مِنَ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُنْقَلَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى كَيْلًا ، وَحُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا . ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْهُ فِيهِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْهُ ابْتِيَاعَهُ زَيْتًا بِالسُّوقِ , وَأَنَّهُ أَرَادَ بَيْعَهُ لِمَا أُعْطِيَ بِهِ مِنَ الرِّبْحِ مَا أُعْطِيَهُ ، فَأَخَذَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ , وَأَخْبَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ فِيهِ عَنْهُ ، فَمَا كَانَتْ حَاجَتُهُ فِي ذَلِكَ إلَى زَيْدٍ حَتَّى أَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ ، وَحَدَّثَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَرَى الزَّيْتَ مِنَ الطَّعَامِ إذْ كَانَ حُكْمُهُ الِائْتِدَامَ بِهِ لَا الْأَكْلَ لَهُ , وَكَانَ مَذْهَبُهُ حِلَّ بَيْعِ مَا اشْتُرِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ ، فَلَمْ يَرَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهُ بَأْسًا حَتَّى حَدَّثَهُ زَيْدٌ بِمَا حَدَّثَهُ بِهِ ، فَعَلِمَ بِهِ أَنَّهُ كَالطَّعَامِ الْمَأْكُولِ الْمُشْتَرَى ، لَا كَالْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ سِوَى ذَلِكَ ، فَانْتَهَى إلَى مَا حَدَّثَهُ بِهِ زَيْدٌ فِيهِ ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ فِيهِ مَا حَدَّثَهُ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ فِيهِ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .