عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ فَكَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ السِّنَّوْرَ مِنَ السَّبُعِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهَا كَنَهْيِهِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ , وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَكَانَ فِي ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ لُحُومِهَا , وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ مَا مَاسَّ مِنَ الْمَاءِ شَيْئًا كَانَ لِذَلِكَ الْمَاءِ حُكْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي طَهَارَتِهِ وَفِي نَجَاسَتِهِ , وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا اللُّحْمَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : فَمِنْهَا لَحْمٌ طَاهِرٌ مَأْكُولٌ وَهُوَ لُحْمُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَأَسْآرُهَا طَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّهَا مَاسَّتْ لُحُومًا طَاهِرَةً ، وَمِنْهَا لَحْمٌ طَاهِرٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَهِيَ لُحُومُ بَنِي آدَمَ فَأَسْآرُهَا طَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّهَا مَاسَّتْ لُحُومًا طَاهِرَةً ، وَمِنْهَا لَحْمٌ حَرَامٌ وَهُوَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ فَسُؤْرُ ذَلِكَ حَرَامٌ ؛ لِأَنَّهَا مَاسَّتْ لَحْمًا حَرَامًا ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنَ اللُّحْمَانِ قَدْ حُكِمَ لِأَسْآرِهَا بِحُكْمِهَا فِي الطَّهَارِ وَفِي التَّحْرِيمِ وَبَقِيَتْ لُحُومٌ أُخَرُ وَهِيَ لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَلُحُومُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَمِنْهَا السِّنَّوْرُ وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَلُحُومُ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ , فَكَانَ لُحُومُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مَمْنُوعٌ مِنْ أَكْلِهَا بِالسُّنَّةِ , وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مِنَ اللُّحْمَانِ الَّتِي رُدَّ حُكْمُ أَسْآرِهَا إِلَى أَحْكَامِهَا فِي الطَّهَارَةِ وَفِي النَّجَاسَةِ , أَوْ يَكُونُ أَسْآرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَيْضًا تُرَدُّ إِلَى أَحْكَامِهَا . فَكَمَا كَانَتْ لُحْمَانُهَا فِي السُّنَّةِ مَنْهِيًّا عَنْهَا مَمْنُوعًا مِنْهَا يَكُونُ أَسْآرُهَا كَذَلِكَ مَنْهِيًّا عَنْهَا مَمْنُوعًا مِنْهَا . كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَدْ شَدَّ ذَلِكَ وَكَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُوَافَقَتِهِمَا فِي ذَلِكَ , وَكَمَا رُوِيَ عَنْ مَنْ دُونَهُمَا مِنَ التَّابِعِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ , وَهُمْ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ , وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِمَّنْ هُوَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي دُونَ طَبَقَتِهِمْ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ