عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : أَقَمْتُ جَارِيَةً لِي بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَمَرَّ بِي يَهُودِيٌّ فَقَالَ : مَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ ؟ فَقُلْتُ : جَارِيَةٌ لِي . قَالَ : أَكُنْتَ تُصِيبُهَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : فَلَعَلَّ فِي بَطْنِهَا مِنْكَ سَخْلَةً قَالَ : قُلْتُ : إِنِّي كُنْتُ أَعْزِلُهَا , قَالَ : تِلْكَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى , فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " كَذَبَتْ يَهُودُ , كَذَبَتْ يَهُودُ " .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : أَقَمْتُ جَارِيَةً لِي بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَمَرَّ بِي يَهُودِيٌّ فَقَالَ : مَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ ؟ فَقُلْتُ : جَارِيَةٌ لِي . قَالَ : أَكُنْتَ تُصِيبُهَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : فَلَعَلَّ فِي بَطْنِهَا مِنْكَ سَخْلَةً قَالَ : قُلْتُ : إِنِّي كُنْتُ أَعْزِلُهَا , قَالَ : تِلْكَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى , فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : كَذَبَتْ يَهُودُ , كَذَبَتْ يَهُودُ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ , لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنِ اتِّبَاعِ الْيَهُودِ عَلَى شَرِيعَتِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثِ اللَّهُ فِي شَرِيعَتِهِ مَا يَنْسَخُ ذَلِكَ , إِذْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ مُقْتَدِينَ بِالَّذِي جَاءَهُمْ بِكِتَابِهِمْ , وَإِذْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْزَلَ : {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ }} يَعْنِي مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَنْبِيَائِهِ {{ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ }} إِنَّمَا كَانَ يَصِلُ إِلَى ذَلِكَ مِمَّا كَانَ يَجِدُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَفِيمَا سِوَاهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي كَانَ أَنْزَلَ عَلَى أَنْبِيَائِهِ قَبْلَهُ , صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ , فَجَازَ أَنْ يَكُونَ لَمَّا كَشَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ كَيْفَ هُوَ فِي كِتَابِهِمْ , ذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى وَكَذَّبُوهُ , فَقَالَ مَا قَالَ مِمَّا تَرْوِيهِ عَنْهُ جُدَامَةُ , ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَذِبِهِمْ , وَأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ , كَمَا لَمَّا سَأَلَهُمْ عَنْ حَدِّ الزِّنَى فِي كِتَابِهِمْ ذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُ الْجَلْدُ وَالْفَضِيحَةُ , وَأَنَّهُ لَا رَجْمَ فِيهِ , وَأَتَوْهُ بِالتَّوْرَاةِ فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ حَتَّى أَعْلَمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُ , وَأَمَرَ ذَلِكَ الْيَهُودِيَّ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ , فَرَفَعَهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ بِأَنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِهِمْ , فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ مِمَّنْ أَتَوْهُ بِهِ مُحَكِّمِينَ لَهُ فِيهِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي الْعَزْلِ لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذِبَهُمْ فِي ذَلِكَ بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذِبَهُمْ فِيهِ , وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مَا أَوْضَحَ لَهُ مَا يُسْتَعْمَلُ الْوَأْدُ فِيهِ , وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }} , فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ الْمَخْلُوقُ مِنَ النُّطْفَةِ فِيهِ الْحَيَاةُ , فَيَجُوزُ أَنْ يُوأَدَ حِينَئِذٍ فَيَكُونَ مَيِّتًا , وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِحَيٍّ , وَإِنَّمَا هِيَ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا حَيَاةَ فِيهَا , فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ ذَلِكَ مَوْءُودًا , وَقَدْ كَانَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خِطَابٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا