عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ }} قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا قَالَ : {{ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا }} قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا أُؤَاخِذْكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ قَالَ : فَلَمَّا قَالَ : عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا أُحَمِّلُكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَاعْفُ عَنَّا }} قَالَ اللَّهُ : قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَاغْفِرْ لَنَا }} قَالَ : قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَارْحَمْنَا }} قَالَ : قَدْ رَحِمْتُكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }} قَالَ : قَدْ نَصَرْتُكُمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إيَاسٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ {{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ }} قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمَّا قَالَ : {{ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا }} قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا أُؤَاخِذْكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ قَالَ : فَلَمَّا قَالَ : عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ }} قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا أُحَمِّلُكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَاعْفُ عَنَّا }} قَالَ اللَّهُ : قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَاغْفِرْ لَنَا }} قَالَ : قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ وَارْحَمْنَا }} قَالَ : قَدْ رَحِمْتُكُمْ فَلَمَّا قَالَ : {{ فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }} قَالَ : قَدْ نَصَرْتُكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }} وَقَالَ : النِّسْيَانُ لَيْسَ مِمَّا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , فَكَيْفَ يَسْأَلُونِ أَنْ لَا يُؤَاخَذُوا بِهِ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ , أَنَّ النِّسْيَانَ الَّذِي لَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ هُوَ النِّسْيَانُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَضْدَادٌ لِلذِّكْرِ لَهَا , فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ , وَمِمَّا لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ سُؤَالُهُمْ رَبَّهُمْ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِهِ وَأَمَّا النِّسْيَانُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ , فَإِنَّمَا هُوَ التَّرْكُ عَلَى الْعَمْدِ بِذَلِكَ , كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ }} فِي مَعْنَى تَرَكُوا اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ قَالَ : فَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً {{ أَوْ أَخْطَأْنَا }} وَالْخَطَأُ فَهْمٌ غَيْرُ مَأْخُوذِينَ بِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }} فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ , أَنَّ الْخَطَأَ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا عَلَيْنَا الَّذِي لَا جُنَاحَ فِيهِ , هُوَ ضِدُّ مَا يَتَعَمَّدُونَهُ كَمَا قَالَ : عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }} وَالْخَطَأُ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا نَحْنُ عَلَيْهِ , هُوَ الْخَطَأُ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُهُ , عَلَى أَنَّهُ بِهِ مُخْطِئٌ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ , وَفِي قَصْدِهِ إلَيْهِ , وَفِي عَمَلِهِ بِهِ وَمِنْهُ قِيلَ : خَطِئْتُ فِي كَذَا مَهْمُوزٌ أَيْ عَمِلْتُ كَذَا خَطِيئَةً , فَذَلِكَ مِمَّا عَامِلُهُ مَأْخُوذٌ بِهِ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ , أَوْ مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ , إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْ مِثْلِهِ , فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْضِعِ سُؤَالٍ , وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لَهُمْ فِي شَيْئَيْنِ قَدْ كَانَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْذُهُمْ بِهَا , وَعُقُوبَتُهُمْ عَلَيْهَا , وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ