عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ الصَّائِغُ , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَضَّ عَلَى الْحَيَاءِ وَالْأَمْرَ بِهِ وَإِعْلَامَ النَّاسِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ صَنَعُوا مَا شَاءُوا لَا أَنَّهُمْ أُمِرُوا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنْ يَصْنَعُوا مَا شَاءُوا وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَيْسَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ إذَا كَذَبَ أَنْ يَتَبَوَّأَ لِنَفْسِهِ مَقْعَدًا مِنَ النَّارِ ، وَلَكِنَّهُ إذَا كَذَبَ عَلَيْهِ يَتَبَوَّأُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ , وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ بِمَعْنَى إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ صَنَعْتَ مَا شِئْتَ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْوَعِيدِ ، وَالْوَعِيدُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ }} وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ }} ثُمَّ أَعْقَبَ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا بَيَّنَ لَهُمُ الْمَعْنَى الَّذِي يُخْرِجُ أَهْلَهُ إلَى مَا يُخْرِجُهُمْ إلَيْهِ وَيُدْخِلُهُمْ فِيمَا يُدْخِلُهُمْ فِيهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلَّا غُرُورًا }} فَكَانَ لَفْظُ ذَلِكَ لَفْظَ الْأَمْرِ ، وَبَاطِنُهُ النَّهْيَ وَالْوَعِيدَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ ، وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ وَالْوَعِيدُ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ