عَنِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي وَصْفِهِ الْخَوَارِجَ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ , ثُمَّ قَالَ : " يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ "
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْزَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخَوْلَانِيُّ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي وَصْفِهِ الْخَوَارِجَ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ , ثُمَّ قَالَ : يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ نَحَلَ لِلَّهِ وَلَدًا ، أَوْ أَشْرَكَ بِهِ ، وَقَتَلَ أَنْبِيَاءَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ ؛ لَمَّا عَظُمَ مَا كَانَ مِنْهُمْ وَجَلَّ جَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، وَجَازَ لِمَنْ تَفَرَّدَ مِنْهُمْ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ فِي عَلِيٍّ أَنْ يُقَالَ : هُوَ أَشْقَى الْبَرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَنْ هُوَ فِي الشِّقْوَةِ مِثْلُهُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي الشِّقْوَةِ فَوْقَهُ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أُبَيٍّ ، وَمِنْ زَيْدٍ ، وَمِنْ مُعَاذٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ جَازَ إطْلَاقُ ذَلِكَ لَهُ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ ؛ لِجَلَالَةِ مِقْدَارِهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ فِيهِ ؛ وَلِعُلُوِّ رُتْبَتِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ هُوَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى مِثْلُهُ ، وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ؛ وَهَذَا لِسَعَةِ اللُّغَةِ وَلِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ مُرَادَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ فِيهِ ، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا جَازَ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ عَظُمَتْ رُتْبَتُهُ فِي الْعِلْمِ وَجَلَّ مِقْدَارُهُ فِيهِ : إنَّهُ أَعْلَمُ النَّاسِ إذْ كَانَ الَّذِي يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ لَا يَعْرِفُ النَّاسَ جَمِيعًا ، وَلَا يَقِفُ عَلَى مَقَادِيرِ عُلُومِهِمْ , وَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ تَقْصِيرِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ جَمِيعًا ، وَعَنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ عُلُومِهِمْ إذْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي وَصَفَهُ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِثْلِهِ مَنْ يَعْرِفُهُ قَائِلُ ذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَأَنَّهُ جَازَ لَهُ جَمْعُ النَّاسِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ