أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : " مَنَ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ , وَهُوَ لَهُ مَاقِتٌ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ : " وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَوْ عَنْ عَمِّهِ ، شَكَّ سُفْيَانُ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : مَنَ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ , وَهُوَ لَهُ مَاقِتٌ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ : وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ مَا فِيهَا , وَالْحَالِفُ بِهَا فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ فِي حَلِفِهِ بِهَا وَنَفَى أَنْ يَكُونَ إلَهٌ غَيْرُهُ فَلَمْ يَرْفَعْ ذَلِكَ الْوَعِيدُ عِنْدَ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ الْوَعِيدَ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَعِيدُ اللَّهِ إيَّاهُ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ : {{ إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ }} الْآيَةَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا هَذَا ، وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَمِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ضِدٌّ لِلصِّنْفِ الْآخَرِ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ مُضَادٍّ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي عَارَضَنَا بِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ إنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ فَدَعَا الْمُدَّعِيَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَاسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَفَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَلَفَ عَلَى مَا قَدْ كَانَ عِنْدَهُ كَمَا قَدْ حَلَفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ ذَهَبَ عَنْهُ مَا قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ فِيهِ وَمَا فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَعْلَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْهُ غَيْرُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ , وَأَنَّ الَّذِي كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ خِلَافُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِ حَقِّ خَصْمِهِ إلَى خَصْمِهِ , ثُمَّ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْحَلِفِ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ وَكَيْفَ يَكُونُ مَا ذَكَرْتُمْ كَمَا وَصَفْتُمْ مِنَ احْتِمَالِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مِنْ حَلِفِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِمَّا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمِمَّا هُوَ نَاسٍ لَهُ وَقَدْ رَوَيْتُمْ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ يَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ، وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِيُكَفَّرَ بِهَا عَمَّنْ يُكَفَّرُ بِهَا عَنْهُ مَا قَدْ كَانَ مِنْهُ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى وَالْخُرُوجِ مِنْ طَاعَاتِهِ إلَى أَضْدَادِهَا لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ . وَالْحَالِفُ عَلَى النِّسْيَانِ فَخَارِجٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَا شَكَّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمِدْ حَلِفًا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ قَدْ تَجِبُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا آثَامَ فِيهَا عَلَى مَنْ كَانَتْ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ : {{ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً }} إلَى قَوْلِهِ : {{ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ }} الْآيَةَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ بِقَتْلِهِ آثِمًا . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا