دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِذَا وِسَادَتَانِ مَطْرُوحَتَانِ فَقَالَ : يَا جَارِيَةُ هَلُمِّي لِفُلَانٍ وِسَادَةً فَقُلْتُ : مَا بَالُ هَاتَيْنِ فَقَالَ : قَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا جِبْرِيلُ وَعَنِ الْأُخْرَى مِيكَائِيلُ . وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَقْتُلَهُ إلَّا حَدِيثٌ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قُلْتُ : وَمَا حَدَّثَكَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : " مَنَ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا "
وَمِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ نُصَيْرِ بْنِ أَبِي نُصَيْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِتْيَانُ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِذَا وِسَادَتَانِ مَطْرُوحَتَانِ فَقَالَ : يَا جَارِيَةُ هَلُمِّي لِفُلَانٍ وِسَادَةً فَقُلْتُ : مَا بَالُ هَاتَيْنِ فَقَالَ : قَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا جِبْرِيلُ وَعَنِ الْأُخْرَى مِيكَائِيلُ . وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَقْتُلَهُ إلَّا حَدِيثٌ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قُلْتُ : وَمَا حَدَّثَكَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : مَنَ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا وَقَدْ حَقَّقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ : مَنَ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ صِحَّةُ مَا رَوَى أَيُّوبُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِمَّا خَالَفَنَا فِيهِ عَلِيٌّ وَكَانَ مَا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ جَهْلًا بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَسَعَتِهَا إذْ كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ هُوَ عَلَى مَنْ كَانَ آمِنًا إمَّا بِالْإِسْلَامِ وَإِمَّا بِذِمَّةٍ وَإِمَّا بِأَمَانٍ بِإِعْطَاءٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إيَّاهُ ذَلِكَ الْأَمَانَ حَتَّى صَارَ بِهِ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَحَتَّى صَارَ بِهِ دَمُهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ حَرَامًا عَلَى أَهْلِ الْمِلَّةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ جَمِيعًا فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهِ : مَنِ ائْتَمَنَ أَيْ : مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ رَجُلًا عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَفِي ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا بِأَمْنِ كَافِرٍ لَا يَحِلُّ أَمَانُهُ لِمَلِيٍّ وَلَا لِذِمِّيٍّ وَلَا يَكُونُ لِمَلِيٍّ وَلَا لِذِمِّيٍّ إعْطَاؤُهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَمَّنَهُ لَمَا أَمِنَ بِذَلِكَ وَلَا حَرُمَ بِهِ دَمُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنِ ائْتِمَانِ كَعْبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ كَلَا ائْتِمَانٍ وَأَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ فِي حِلِّ دَمِهِ كَهُوَ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى مَا ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَادَتْ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذِهِ إلَى انْتِفَاءِ التَّضَادِّ عَنْهَا وَانْصَرَفَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا إلَى خِلَافِ الصِّنْفِ الَّذِي انْصَرَفَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْهَا