عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ بَيْعَ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ , وَلَا يَحِلُّ خِلَابَةُ مُسْلِمٍ "
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا أَسَدٌ , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيُّ , عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بَيْعَ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ , وَلَا يَحِلُّ خِلَابَةُ مُسْلِمٍ فَكَانَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَبَاعَ مَا قَدْ جَعَلَ يَبِيعُهُ إِيَّاهُ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَاخِلًا فِيمَا نَهَى عَنْهُ , فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِلْمُشْتَرِي بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ , وَلَعَلَّهُ يُسَاوِي آصُعًا كَثِيرَةً , ثُمَّ نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ بِالْمَعَاصِي , وَرُدَّتِ الْأَشْيَاءُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَوَجَبَ رَدُّ الْمُصَرَّاةِ بِعَيْنِهَا , وَقَدْ زَايَلَهَا اللَّبَنُ , عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا , قَدْ كَانَ بَعْضُهُ فِي ضَرْعِهَا , فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهَا , فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ , وَبَعْضُهُ حَدَثَ فِي ضَرْعِهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي , بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهَا , فَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي . فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ رَدَّ اللَّبَنَ , بِكَمَالِهِ عَلَى الْبَائِعِ , إِذَا كَانَ بَعْضُهُ بِمَا لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ , وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ اللَّبَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ مَلَكَ بَعْضَهُ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ بِبَيْعِهِ إِيَّاهُ الشَّاةَ الَّتِي قَدْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ , وَكَانَ مِلْكُهُ لَهُ إِيَّاهُ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الشَّاةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ , وَيَكُونَ ذَلِكَ اللَّبَنُ سَالِمًا لَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ رَدِّهَا , وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ عَيْبِهَا , قَالَ عِيسَى : فَهَذَا وَجْهُ حُكْمِ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالَ عِيسَى مِنْ هَذَا , يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا قَالَ , إِنِّي رَأَيْتُ فِي ذَلِكَ وَجْهًا هُوَ أَشْبَهُ , عِنْدِي , بِنَسْخِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ عِيسَى . وَذَلِكَ أَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ الَّذِي احْتَلَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا , فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي احْتَلَبَهَا فِيهَا , قَدْ كَانَ بَعْضُهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ قَبْلَ الشِّرَاءِ , وَحَدَثَ بَعْضُهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ , إِلَّا أَنَّهُ قَدِ احْتَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ . فَكَانَ مَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ مَبِيعًا , إِذَا أَوْجَبَ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي الشَّاةِ , وَجَبَ نَقْضُ الْبَيْعِ فِيهِ . وَمَا حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا كَانَ مَلَكَهُ , بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَيْضًا , وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّاةِ , لِأَنَّهُ مِنْ بَدَنِهَا هَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ رَدِّهَا , جَمِيعَ لَبَنِهَا الَّذِي كَانَ حَلَبَهُ مِنْهَا بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ رَدَّهُ مَعَ الشَّاةِ . وَذَلِكَ اللَّبَنُ حِينَئِذٍ قَدْ تَلِفَ , أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ مَلَكَ لَبَنًا دَيْنًا , بِصَاعِ تَمْرٍ دَيْنٍ , فَدَخَلَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدُ , عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ