عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَحَاطَ عَلَى شَيْءٍ , فَهُوَ لَهُ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ , قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ أَحَاطَ عَلَى شَيْءٍ , فَهُوَ لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ , أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ , وَجَعَلَهَا لَهُ الْإِمَامُ , أَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا لَهُ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ , وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا , وَقَالُوا : لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ فَقَدْ جُعِلَ حُكْمُ إِحْيَاءِ ذَلِكَ إِلَى مَنْ أَحَبَّ فَلَا أَمْرَ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ , وَقَالُوا : قَدْ دَلَّتْ عَلَى هَذَا أَيْضًا شَوَاهِدُ النَّظَرِ , أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ , مَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا مَلَكَهُ بِأَخْذِهِ إِيَّاهُ , وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِأَخْذِهِ , وَيَجْعَلُهُ لَهُ , وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ , مَنِ اصْطَادَهُ , فَهُوَ لَهُ , وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى إِبَاحَةٍ مِنَ الْإِمَامِ , وَلَا إِلَى تَمْلِيكٍ , وَالْإِمَامُ فِي ذَلِكَ , وَسَائِرُ النَّاسُ سَوَاءٌ , قَالُوا : فَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْمَيِّتَةُ الَّتِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا , فَهِيَ كَالطَّيْرِ الَّذِي لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ , فَمَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ بِأَخْذِهِ إِيَّاهُ , وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَمْرٍ مِنَ الْإِمَامِ , وَلَا إِلَى تَمْلِيكِهِ , كَمَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْمَاءِ وَالصَّيْدِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا , وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ , فَقَالُوا : لَا تَكُونُ الْأَرْضُ تَحْيَا إِلَّا بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ لِمَنْ يُحْيِيهَا وَجَعَلَهَا لَهُ , وَقَالُوا : لَيْسَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ , بِدَافِعٍ لِمَا قُلْنَا , لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِحْيَاءَ الَّذِي جَعَلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَرْضَ لِلَّذِي أَحْيَاهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يُفَسَّرْ لَنَا مَا هُوَ ؟ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ , فَيَكُونُ قَوْلُهُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ أَيْ : مَنْ أَحْيَاهَا عَلَى شَرَائِطِ الْإِحْيَاءِ , فَهِيَ لَهُ , وَمِنْ شَرَائِطِهِ تَحْظِيرُهَا وَإِذْنُ الْإِمَامِ لَهُ فِيهَا , وَتَمْلِيكُهُ إِيَّاهَا , فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا , إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْقَوْلِ , أَنَّهُ أَرَادَ مَعْنًى إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ مِنْهُ , أَوْ بِإِجْمَاعٍ مِمَّنْ بَعْدَهُ , أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ الْمَعْنَى , فَنَظَرْنَا إِذْ لَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةً لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ , هَلْ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَإِذَا يُونُسُ قَدْ