الْحَسَنَ , قَالَ : مِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , إِذَا ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ , قَالَ : ثنا عَبْدَةُ , قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ , قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , أَنَّ الْحَسَنَ , قَالَ : مِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , إِذَا ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا , قَدْ جَعَلُوا مِيرَاثَ الْمُرْتَدِّ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَشَذَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا قَدْ وَصَفْتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ , مِمَّا يُوجِبُهُ النَّظَرُ , وَفِي ذَلِكَ حُجَّةٌ أُخْرَى مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَيْضًا , وَهِيَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُرْتَدَّ قَبْلَ رِدَّتِهِ , مَحْظُورٌ دَمُهُ وَمَالُهُ , ثُمَّ إِذَا ارْتَدَّ , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ , قَدِ ارْتَفَعَ عَنْ دَمِهِ , وَصَارَ دَمُهُ مُبَاحًا , وَمَالُهُ مَحْظُورًا فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ , بِالْحَظْرِ الْمُقَدَّمِ , وَقَدْ رَأَيْنَا الْحَرْبِيِّينَ حُكْمُ دِمَائِهِمْ وَحُكْمُ أَمْوَالِهِمْ سَوَاءٌ , قُتِلُوا أَوْ لَمْ يُقْتَلُوا , فَلَمْ يَكُنِ الَّذِي يُحَلُّ بِهِ أَمْوَالُهُمْ هُوَ الْقَتْلُ , بَلْ كَانَ الْكُفْرَ , وَكَانَ الْمُرْتَدُّ لَا يَحِلُّ مَالُهُ بِكُفْرِهِ , فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَالَهُ لَا يَحِلُّ بِكُفْرِهِ , ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِقَتْلِهِ , وَقَدْ رَأَيْنَا أَمْوَالَ الْحَرْبِيِّينَ تَحِلُّ بِالْغَنَائِمِ , فَتُمْلَكُ بِهَا , وَرَأَيْنَا مَا وَقَعَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي دَارِنَا , مَلَكْنَاهُ عَلَيْهِمْ وَغَنِمْنَاهُ بِالدَّارِ , وَإِنْ لَمْ نَقْتُلْهُمْ , فَلَمَّا كَانَ مَالُ الْمُرْتَدِّ غَيْرَ مَغْنُومٍ بِرِدَّتِهِ , كَانَ فِي النَّظَرِ أَيْضًا , غَيْرُ مَغْنُومٍ بِسَفْكِ دَمِهِ , فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَالَهُ لَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْغَنَائِمِ , لَمْ يَخْلُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , إِمَّا أَنْ يَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ لَوْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ , أَوْ يَصِيرَ لِلْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ صَارَ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَهُوَ كَمَا قُلْنَا , وَإِنْ صَارَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ , فَقَدْ وَرِثَ الْمُسْلِمُونَ مُرْتَدًّا , فَلَمَّا كَانَ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ مَنْ يَرِثُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَلَمْ يَخْرُجْ بِرِدَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ , كَانَ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ , هُمْ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَرِثُونَهُ لَوْ مَاتَ فِي الْإِسْلَامِ لَا غَيْرُهُمْ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ , وَإِنَّمَا زَالَ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ بِاللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ , لِخُرُوجِهِ مِنْ دَارِنَا إِلَى دَارِ الْحَرْبِ , عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ كَوْنِهِ مُقَاتِلًا لَنَا , مُبَاحَ الدَّمِ فِي دَارِنَا , بِدَلِيلِ الْحَرْبِيِّ يَدْخُلُ إِلَيْنَا إِذَا عَادَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ , وَخَلَّفَ مَالًا هَاهُنَا , لَمْ يَزُلْ عَنْهُ مِلْكُهُ مَعَ وُجُودِ هَذَا , وَلَمْ يَخْرُجْ مُسْتَحِقًّا , لِأَنَّهُ فِي أَمَانِنَا إِلَى أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ