• 2423
  • أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ فَأُتِيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَجَلَدَهُ , وَوَضَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ "

    حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ , حَدَّثَهُ أَنَّهُ , بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ فَأُتِيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَجَلَدَهُ , وَوَضَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ . حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ قَبِيصَةِ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَتْلَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . ثُمَّ عُدْنَا إِلَى النَّظَرِ فِي ذَلِكَ ; لِنَعْلَمَ مَا هُوَ ؟ فَرَأَيْنَا الْعُقُوبَاتِ الَّتِي تَجِبُ بِانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ مُخْتَلِفَةً . فَمِنْهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الْجَلْدُ فِي غَيْرِ الْإِحْصَانِ فَكَانَ مَنْ زَنَى وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَحُدَّ ثُمَّ زَنَى ثَانِيَةً كَانَ حَدُّهُ كَذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ كَذَلِكَ حَدُّهُ فِي الرَّابِعَةِ , لَا يَتَغَيَّرُ عَنْ حَدِّهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ . وَكَانَ مَنْ سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَحَدُّهُ قَطْعُ الْيَدِ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَانِيَةً فَحَدُّهُ قَطْعُ الرِّجْلِ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَالِثَةً فَفِي حُكْمِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ . فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : تُقْطَعُ يَدُهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : لَا تُقْطَعُ فَهَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ الَّتِي تَجِبُ فِيمَا دُونَ الْأَنْفُسِ . وَأَمَّا حُدُودُ اللَّهِ الَّتِي تَجِبُ فِي الْأَنْفُسِ , وَهِيَ الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ وَالرَّجْمُ فِي الزِّنَا إِذَا كَانَ الزَّانِي مُحْصَنًا . فَكَانَ مَنْ زَنَى مِمَّنْ قَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَزْنِيَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَكَانَ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ قُتِلَ , وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَرْتَدَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ . وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَمِنْهَا أَيْضًا مَا يَجِبُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ . فَمِنْ ذَلِكَ حَدُّ الْقَذْفِ , فَكَانَ مَنْ قَذَفَ مَرَّاتٍ فَحُكْمُهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ مَرَّةٍ مِنْهَا فَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ لَا يَتَغَيَّرُ , وَلَا يَخْتَلِفُ مَا يَجِبُ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ , وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ إِيَّاهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى . فَكَانَتِ الْحُدُودُ لَا تَتَغَيَّرُ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمِ وَحُكْمُهَا كُلُّهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ . فَمَا كَانَ مِنْهَا جَلْدٌ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ أَبَدًا وَمَا كَانَ مِنْهَا قَتْلٌ قُتِلَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ , وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَتَكَرَّرَ فِعْلُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ . فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْنَا كَذَلِكَ وَكَانَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مَرَّةً فَحَدُّهُ الْجَلْدُ لَا الْقَتْلُ كَانَ فِي النَّظَرِ أَيْضًا عُقُوبَتُهُ فِي شُرْبِهِ إِيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا كُلَّمَا شَرِبَهَا الْجَلْدَ لَا الْقَتْلَ , وَلَا تَزِيدُ عُقُوبَتُهُ بِتَكَرُّرِ أَفْعَالِهِ , كَمَا لَمْ تَزِدْ عُقُوبَةُ مَنْ وَصَفْنَا بِتَكَرُّرِ أَفْعَالِهِ . فَهَذَا الَّذِي وَصَفْنَا هُوَ النَّظَرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ