عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ , فَقَالَ مَوْلًى لَهُ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَزْوِ , وَالنِّسَاءُ قَلِيلٌ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " صَدَقْتَ "
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا وَهْبٌ قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ , فَقَالَ مَوْلًى لَهُ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَزْوِ , وَالنِّسَاءُ قَلِيلٌ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : صَدَقْتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ , بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ , وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى النَّهْيِ فِي ذَلِكَ عَنْهَا , دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِهَا وَحُجَّةٌ . ثُمَّ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ : إِنَّمَا أُبِيحَتْ وَالنِّسَاءُ قَلِيلٌ أَيْ : فَلَمَّا كَثُرْنَ , ارْتَفَعَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُبِيحَتْ . وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّمَا كَانَتْ لَنَا خَاصَّةً , فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَتْ لَهُمُ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُبِيحَتْ مِنْ أَجْلِهِ , وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُنَّا نَتَمَتَّعُ حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا عُمَرُ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهَا , حَتَّى عَلِمَهُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَفِي تَرْكِهِ مَا قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَاحَهُ لَهُمْ , دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ قَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى نَسْخِ ذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ . فَوَجَبَ بِمَا ذَكَرْنَا , نَسْخُ مَا رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ إِبَاحَةِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِنَّ النِّكَاحَ إِذَا عُقِدَ عَلَى مُتْعَةِ أَيَّامٍ , فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْأَبَدِ , وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ . فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا نَهَاهُمْ عَنِ الْمُتْعَةِ قَالَ لَهُمْ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يُتَمَتَّعُ بِهِنَّ شَيْءٌ , فَلْيُفَارِقْهُنَّ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ الْمُتَقَدِّمَ , لَا يُوجِبُ دَوَامَ الْعَقْدِ لِلْأَبَدِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُوجِبُ دَوَامَ الْعَقْدِ لِلْأَبَدِ , لَكَانَ يُفْسَخُ الشَّرْطُ الَّذِي كَانَا تَعَاقَدَا بَيْنَهُمَا , وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ إِذَا كَانَ قَدْ ثَبَتَ عَلَى صِحَّةٍ وَجَوَازٍ قَبْلَ النَّهْيِ . فَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِالْمُفَارَقَةِ , دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْعَقْدِ لَا يَجِبُ بِهِ مِلْكُ بُضْعٍ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ